ي حياتنا مثل معروف يقول ” كريم من مال غيره ” واعتقد أنه مفهوم واضح غير محتاج للشرح بينما يأتي في مقابله مثل آخر يقول ” بخيل من مال غيره ” وهذا المثل هو الجديد والغريب من نوعه وقد تحقق هذ المثل أمام عيني في موقف حدث معي شخصياً وربما حدث مع أحداً غيري أيضاً .. الموقف باختصار هو أنني دعوت صديقاً لي على وجبة افطار في إحدى المطاعم وعندما جلسنا على الطاولة جاء النادل ليسجل الطلب فطلبت أصنافاً منوعة ومتعددة من المأكولات والمشروبات والمقبلات والسلطات وما الى ذلك وقلت لصديقي أطلب ماتريد بدون تردد فاكتفى بطبق واحد وكوب شاهي سادة فقلت له : شكلك مو جوعان ! فهزّ يده دلالة على الاكتفاء بما طلبه فذهب النادل الى عمله ، وبينما نحن ننتظر شعرت بصديقي ساهم وعلامات الامتعاض تخط وجهه فسألته : ما بك هل المطعم غير نظيف ودون المستوى فقال : لا بالعكس فهو من أنظف وأفضل ما يكون ! طيب ما الذي يزعجك هل تذكرت شيئاً أزعجك قال : لا إنّما الطلب الذي طلبته يفوق حاجتنا وأظن ذلك من الاسراف والله عزوجل نهى عن ذلك حين قال : ( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ) ! قلت له : لا عليك واترك عنك هالفقاهة وإن كان هناك من مسؤولية شرعية فاتركها لي فأنا أتحملها .. ظلّ طوال وقت الانتظار واضعاً يده على خدّه وكأن مصيبة حلّت على رأسه ! وصل الطعام واحتلّت الاصناف مساحة كبيرة من الطاولة وشرعنا في الأكل وبينما أنا مشغول بتناول وجبتي رفعت رأسي خلسة ونظرت الى صديقي وإذا بثلاث أرباع الصحون قد أصبحت مصقولة بالكامل فطأطأت رأسي بسرعة قبل أن ينتبه !
هذا الصديق هداه الله جسد المثل باحترافية عالية فهو فضلاً عن كونه بخيلاً على نفسه لم يكتفي بذلك فقط بل تمنّى أن يرى أطباعه في شخصية غيره ، فالمصيبة ليست أن تكون بخيلاً على نفسك وحسب فذلك شأنك لكن المصيبة تصبح أعظم عندما تبقي جيبك مقفلاً فيما تُطالب أن يكون جيب غيرك مفتوحاً ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فيكون هذا البخيل في بعض الأحيان شخصاً معوقاً في طريق الأشخاص الناجحين والداعمين للمشاريع الخيرية أو صوتاً مُعطّلاً أمام تنفيذ بعض الأعمال والأنشطة الاجتماعية والمضحك أن تجد هذا البخيل هو أول الحاضرين في الصفوف الأمامية وأول المصفقين لتدشين المشاريع التنموية ، فإن كنت أيها البخيل عضواً خاملاً غير معطاءاً وغير فعالاً ومريضاً بالجفاف فلا تكن سبباً معطلاً للأيادي البيضاء ومشوّشاً للعقول المنتجة ٠