أمراضنا النفسية.. دعونا نتحدث بصراحة

لم تمر الذكرى السنوية لليوم العالمي للصحة النفسية في هذا العام سريعة وباهتة، كما هو الحال في السنوات الماضية، بل على العكس تماماً، عُلّقت الكثير من أجراس الخطر حول هذه الظاهرة الخطيرة التي تتفشى وتتمدد بشكل كبير في المجتمع السعودي.

ويحتفل العالم في العاشر من أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للصحة النفسية، وذلك من أجل توعية وتثقيف وتحذير المجتمعات والشعوب على امتداد العالم من خطورة وتأثير الأمراض النفسية التي تحولت إلى “هاجس كوني” يشغل حيزاً كبيراً ومهماً في حركة وتطور البشر.

وقد شهد عام 1992، البدايات الأولى للاحتفال بهذا اليوم العالمي بمبادرة من الاتحاد العالمي للصحة النفسية وبشراكة مع حكومات ومنظمات وهيئات من أكثر من 150 بلداً.

وفي هذا العام، وقع الاختيار على “الاكتئاب” كعنوان لليوم العالمي للصحة النفسية لعام 2017، تحت شعار “دعونا نتحدث عن الاكتئاب”.

وتكمن مشكلة الاكتئاب وكل الأمراض النفسية الأخرى، في عدم الاعتراف بها من قبل المجتمع، ومن نقص الوعي المجتمعي بخطورة وتأثير هذه الأمراض النفسية، وندرة البرامج التوعوية والتثقيفية لهذه الظاهرة الخطيرة.

لم تكن هذه المقدمة الطويلة، إلا محاولة بائسة مني للهروب من الهدف من كتابة هذا المقال: واقع الأمراض النفسية في المجتمع السعودي.

الأرقام والإحصائيات والنسب التي تتناقلها وسائل الإعلام المختلفة عن ظاهرة تفشي الأمراض النفسية في المجتمع السعودي مخيفة جداً، وتتطلب تدخلاً سريعاً وحقيقياً من مختلف الوزارات والجهات المعنية بهذه الظاهرة الخطيرة التي تُمثل قنبلة موقوتة في قلب المجتمع السعودي.

أمامي العديد من الأرقام والإحصائيات والنسب التي تؤكد زيادة الأمراض النفسية في مجتمعنا، فهناك دراسة تُشير إلى أن نصف المجتمع السعودي مصاب بأمراض نفسية، وهناك من يؤكد بأن أكثر من نصف مليون مريض يُعاني من أمراض نفسية حقيقية، وهناك من يرصد وقوع أكثر من 20 ٪ من المجتمع في حالة اكتئاب، والقلق يُمثل 35 ٪، واضطرابات النوم تزيد عن 40 ٪، بل إن هناك من يُصر على أن الأرقام والإحصائيات والنسب أكثر وأكبر من كل ذلك بكثير.

وفي إحصائية رسمية من وزارة الصحة، تُشير إلى وجود 21 مستشفى للصحة النفسية في السعودية، يراجعها سنوياً مئات الآلاف من المرضى النفسيين، في حين لا يوجد سوى 718 طبيباً نفسياً، منهم 237 طبيباً سعودياً فقط!.

الأمراض النفسية في المجتمع السعودية، ملف وطني خطير، لا يمكن إهماله أو تسطيحه، وحان الوقت لمواجهته وعلاجه، لأن التوازن والسلام النفسي لأفراد ومكونات المجتمع، ركن أساسي لتطوره وازدهاره.

ولكن، ما هي الأسباب الحقيقية لزيادة الضغوطات والأمراض النفسية في المجتمع السعودي؟. المقال القادم، سيحاول الإجابة على هذا السؤال المعقد.


error: المحتوي محمي