للعقلاء.. أسود وأبيض

لست من بين المتفائلين أبدا بمستقبل لعبة كرة القدم في نادي الترجي، فمن يجيد قراءة الواقع والظروف المالية والفنية جيدا، يدرك ان القطيف وقراها تدخل ضمن هذا الاطار.

في الوقت الحالي، هناك فرق كبير بين كرة القدم وباقي الالعاب من حيث الاهمية، فكرة القدم بوضعها الحالي المتردي فنيا، بحاجة لأرقام مادية فلكية من أجل الارتقاء بها وتطويرها، وتجاوز تأثير الاحتراف وتوغل سرعة انتقال اللاعب للأندية الاخرى من أجل ضمان مستقبلة، الفني والاجتماعي.

كما ان جمهور كرة القدم الحالي، اصابه الاحباط من بقاء الاندية على نظام ” مكانك سر “، وزاد من ذلك هبوط الترجي والصفا لدوري الدرجة الثالثة، بعد رحلة فاشلة وقصيرة، لم يستطع خلالها الصفا من مواصلة المشوار بعد الصعود التاريخي لدوري الدرجة الأولى، وكذلك الترجي، الذي لم يستطع الصعود او حتى البقاء في دوري الدرجة الثانية لأكثر من ذلك الوقت، مما ترتب علية افول الطموح لدى باقي ادارات الاندية في القطيف من تجربة وفشل لأقدم اندية المنطقة واكثرها جماهيريا.

ولذلك، لا تجد الروح ولا تتوفر الرغبة لدى الادارات الاخرى لخوض هذه التجربة، وسط الظروف المالية السيئة، ونتيجة لادراكها بأن كرة القدم اصبحت حمل ثقيل، يصعب استمراره، او حتى تطويره.

وحقيقة، لم تعد كرة القدم هي اللعبة الشعبية الاولى في محافظة القطيف، كما عهدناها سابقا، فقد خسرت جمهورها، الذي أصبح ” اليوم ” شغوفا، ومتطلعا ، ومتواجدا بقوة في مدرجات الصالات، أي بعيدا جدا عن لعبة كرة القدم، ودوري الدرجة الثالثة، الذي اصبح تحصيل حاصل، بل فاتر، وخالي من الدسم.

لعبة كرة القدم أصبحت في منظور جمهورها، لعبة ” ثانوية “، لم يعد لها مستقبل في القطيف، بصفة عامة، فقد اخذت لعبة كرة اليد مكانها، واثبتت وجودها، عقب أن زاد اعداد متابعيها، واصبحت هي المهيمنة والمسيطرة والمستحوذة على عقول الجمهور الرياضي القطيفي، خاصة وأن اندية القطيف في هذه اللعبة جلها مشاركة في الدوري الممتاز، وهي الاقوى والافضل، وكل المؤشرات تدل على أن كرة اليد اليوم اصبحت هي اللعبة الشعبية الاولى بعد افلاس كرة القدم.

أما على مستوى كرة القدم، فقد بات الجمهور القطيفي ينتظر دوريات فرق الحواري اكثر من دوري الاندية الرسمية، حتى اللاعب نفسة يجد في دوري الحواري متعة، ومنافسة، واهتمام، وتنظيم، وحضور جماهيري محفز، لا يجده أبدا في ناديه، بل أن فرق الحواري لها شعبية كبيرة، ودور اعلامي، وجمهور ذواق، وحضور مميز، يفوق العديد من الأندية، ولذلك لم يعد اللاعب كما كان في السابق يهتم بالكشافين، او بحضور مدربين الاندية الاخرى الباحثة عن المواهب.

كما ان اللاعب لم يعد يفكر للأمام، بل بات ينتظر بشوق انتهاء موسم الاندية، ليبدأ موسم دوري الحواري، في الوقت الذي تغفل فيه ادارات الاندية تماما عن تبني بعض هذه الدورات، او على اقل تقدير الاشتراك فيها، وتنظيمها بين الاندية، للاستفادة منها ماديا وفنيا.

لكل تلك الاسباب، اصبحت لعبة كرة القدم عاله على الادارات، وتكلفة بلا هدف.


error: المحتوي محمي