ما قبل النوم

عندما ترتمي في أحضان فراشك، وتستسلم لسلطان نومك وقبل أن تغمض عينيك، عليك أن تسترجع كل دقيقه من ساعات يومك. إن كنت في خير، شكرت الخالق (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) وإن كنت عصيته فسارع بالتوبة والاستغفار واطلب منه برحمته أن يعفو عنك ويبعدك عن أخطائك وزلاتك.

الإمام علي (عليه السلام): ما أحق الإنسان أن تكون له ساعة لا يشغله شاغل، يحاسب فيها نفسه، فينظر فيما اكتسب لها وعليها في ليلها ونهارها). عود نفسك على التلقين بأن هذا الأمر إن كان يرضي الله فازدد منه بالحمد والثناء على المنعم المتفضل عليك. وإن كان مما يغضب الخالق فأظهر ندمك بكل جوارحك، وشارط نفسك ألا تعود عليه وعلى أمثاله وإن فعلت فليكن هناك عقوبة تضعها عندما تعاود القيام به كصلاة الليل وصيام النهار لتهذب روحك وتروضها على فعل الطاعات والبعد عن المعاصي. فمحاسبة النفس هو مفهوم إيجابي يهدف إلى التعرف على خطوات تقدمك في تطوير ذاتك وتحقيق أهدافك كما يهدف إلى التعرف على نقاط الضعف ومواطن الفشل لمعالجتها والانتصار عليها بروح إيجابية.

محاسبة النفس من المفاهيم التي لا نستغني عنها في جميع مجالات حياتنا، فكما نحتاج إليه في حياتنا الإيمانية لمعرفة علاقتنا بخالقنا وقدرتنا على مقاومة غرائز النفس الأمارة بالسوء والسير في طريق الاستقامة، نحتاج إليه في حياتنا العملية لتطوير ذواتنا وقدراتنا.

إن لنفسك عليك حقًا، فمن حقوقها أن تقيها من التسافل بالانغماس في ملذات الدنيا والجري وراء الأهواء والشهوات والتخلص من الصفات الرذيلة (كالحسد والبغض والتكبر والغرور وسوء الظن وما شابه)، فأول خطوة لجهادك لنفسك هو محاسبتها كل يوم والتخلص مما يعوق تكاملها من ذنوب وأخطاء تكون حائلًا بينها وبين الوصول للسمو والعلو.

فمن حق نفسك عليك أن تحميها وتحافظ عليها من كل الشوائب التي تعمل على خروجها عن فطرتها السوية.

فأنت مسؤول مسؤولية تامة عن تطوير نفسك معنويًا قبل ماديًا، فأنت الشخص الوحيد القادر على أن تجعلها نجمة لامعة أو مجرد كوكب معتم.

إن الله -عز وجل- يحب أن يرى منك توجهك إليه بقلبك وجوارحك (وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل: “لا يسعني أرضي ولا سمائي ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن”).

بعدها أغمض عينيك ولترحل روحك في موتتك الصغرى في عناية بارئها محفوفةً بحفظه وحراسته.



error: المحتوي محمي