ذات مساء، توقفت عند إحساس ما وأنا ألمح خطوط الزمن والذكريات في مرايا الصور، واستشففت من ذلك الإحساس أن الصورة تتحول بمرور الزمن إلى تاريخ شخصي لمن لا تاريخ له؛ حيث عمق تلك الصورة يكمن في أنها تتمسك بمرحلة تاريخ مضت من العمر، والتي تجعلني أشعر كأنني أعيشها وإن طمست جزءًا من ذكرياتي.
لعلني أمنح هذا المساء مساءً، ونظرًا لعشقي للكلمة الصادقة التي لا تخذلني وصدقي الذي لا أساوم عليه، فالكتابة قدر يطالني مثل باقي الأقدار، ولعلني أيضًا أمنح البعض هنا وإن كبلني الخجل وسرقتني الجرأة، فلا يزال هنا لدي ما أقوله لمن يقرأني.
الغش يمكن أن أعده مثل مرض السرطان الذي ينتشر ويصبح من الصعب جدًا القضاء عليه بعد انتشاره في مفاصل التعليم! وهنا تحضرني هذه القصة الملهمة والتي ليست من صنع خيالي ومن الصعب وجودها في هذا الزمن، هناك طالب ذو خلق ودين وكان ضعيفًا في مادة اللغة الإنجليزية وأخفق في تلك المادة مرتين، وذلك بعد رفضه الغش وعدم قبوله المساعدة من قبل المراقبين حتى يتجاوز تلك المادة بنجاح، ولم يقبل فكان الفشل أفضل له من النجاح الزائف المغشوش، وبعد ذلك اجتاز تلك المادة بنجاح دون غش، وعلى الجانب الآخر أتذكر وأنا في سنة الثالثة متوسط كنت لا أجيد حينها اللغة الإنجليزية، وكانت الأسئلة كما بدت لي صعبة يوم الامتحان، ومع الأسف وأعترف بخجل وندم وبصدق، بأنني تبادلت وبإلحاح مني ورقتي مع ورقة إحدى الطالبات المتميزات لتكتب لي الإجابة ونجحت في تلك المادة دون جهد مني” أعتذر من تلك العزيزة”، ها أنا أبوح بذلك وأنا خجلة من نفسي وصراحتي علنًا، لعلني أكفر عن خطئي فالغش حرام وسلوك غير سوي، ولا يخفى على أحد
قول سيد الكون رسول الله محمد -صلوات الله وسلامه عليه-: “من غشنا فليس منا”.
أعتقد هنا مجازًا أنه قد تسهم هذه الأفواج الهائلة التي تتخرج من مدرستي الإنسانية باللغة الإنجليزية على مدى عشرين عامًا، نوعًا ما من التخفيف عن خطيئتي التي قمت بها دون إدراك مني، لسوء التصرف والسلوك، وعذري الآن أن هناك البعض قد قام بمثل ما قمت به، لكن لن يجرؤ على الاعتراف به وهذا شأنه الخاص، لنتفق أن نكون على قدر من المسؤولية وأن ننال نجاحًا يشهد عليه جهدنا ومثابرتنا دون غش، دعوني أنوه هنا بشئ يقال: عندما يخجل البعير يشيح بوجهه إلى الخلف، وأنا أيضًا عندما أخجل من شيء ما أكتب ما في خاطري لأتحرر ولتهدأ نفسي.
أعزائي بعض الطلبة والطالبات، أنتم على أبواب الامتحانات وأنتم طلبة علم، وجب عليكم الابتعاد عن ظاهرة الغش بكل أشكاله وأنتم أهل للثقة والأمانة، وهذه الظاهرة السلبية الخطيرة التي تهدد قيم المجتمع، وتجعل الطالب خائنًا لفكره وعديم الشعور بالمسؤولية والأمانة، وكأنه يصعد على أكتاف غيره بل يسرق النجاح بدلًا من أن يبحث عنه.
للجميع دعوات قلبية بالنجاح والفلاح.