ربما تكون فكرة دمج أندية القطيف الرياضية مع بعضها فكرة عصية على التطبيق، أو أنها مرفوضة جملة وتفصيلًا.. هكذا تبدو للمتابع والقارىء من أول وهلة، وهو أمر طبيعي.
ولكن هل بالإمكان طرحها ومناقشتها؟ ولتأخذ من الوقت ما تأخذ، مع أنه لا وقت يكفي مع المتغيرات المتلاحقة التي تدفع بها الرؤية لتكون واقعًا ملزمًا. إنما لا يمنع ذلك من التفكير فيها بتأنٍ وحكمة وليشترك فيها مختلف رجال القوم من الرياضيين وغيرهم، وننتظر النتيجة بدلًا من الرفض مباشرة.
ولنتساءل: هل من أسباب تستدعي ذلك؟ وما الفوائد التي سوف نجنيها من الدمج؟
لنقرأ المشهد الحاضر كما هو:
ابتداءً لا زالت أدخنة التعصب الرياضي لم تتبدد بعد، وقد انتهى موسمنا للتو وخاصة لعبتي القدم واليد. ونخصص لعبة اليد التي صدعتنا كثيرًا لدرجة القلق من الانزلاق لما هو أبعد، خاصة في منطقتنا القطيف التي تمثل أنديتها نسبة توافق الثمانين في المئة من ممثلي اللعبة بالدوري الممتاز وما دونه. وإن استمر الوضع على ما هو عليه موسمًا آخر فالله وحده يعلم إلى ماذا ستؤول الأحداث.
نضيف لذلك الأهم وهو إطلاق مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية واعتماد لائحة جديدة بخصوصها، ما يعني أنها سوف تكون عبارة مؤسسات تستحوذ عليها جهات استثمار مختلفة بما يتوافق مع رؤية 2030.
وقد رشحت بعض الأخبار التي حملت شروطًا ومتطلبات لا طاقة لبعض الأندية على تنفيذها، وهي في الأساس “أي الأندية” غير مغرية ولا جاذبة لجهات الاستثمار، أو بعض الشركات التي تتطلع لامتلاك الأندية وتشغيلها لتمثل وجهًا حضاريًا ومشرقًا للألعاب ولتدر بالعوائد المختلفة على المشاركين فيها بالنسبة الأكبر حسب ما قرأناه وسمعناه عن بعض الأندية التي ضمت لهيئات مختلفة.
بعض أنديتنا بل غالبيتها خجولة البنية التحتية الحقيقية إن لم تكن معدومة، وهي تحتاج لإعادة تكوين من الصفر، ما يعني أن بيئتها غير مشجعة، وهو ما يشير إلى أن بقاءها مستحيل على المدى المتوسط إن تفاءلنا، فتطبيق المشروع سوف يطالها عاجلًا أو آجلًا، ولابد لها من أن تغري أي مستثمر، فكيف سيتم ذلك، ولا يوجد بينها سوى ناديين أو ثلاثة على أبعد تقدير، وأما الباقي، فهي تسير بالبركة.
نقطة أخرى ومهمة، وهي أن الدمج لربما يخلصنا من منزلق المناطقية التي نتشدق بها، وتسبب لنا الصداع وتنتشر آفة التعصب، من دون أن نرى بصيص حلٍ يلوح في الأفق، ونحن “كلنا على بعضنا” لا نمثل خمس أو سدس مدينة مثل الرياض العاصمة أو أقل من ذلك إن بالغنا، مكتظون في مساحة ضيقة، ومسافات بين القرى والبلدات لا تتعدى مئات الأمتار، وما لا يتعدى الخمس عشرة دقيقة تزيد أو تقل حسب الازدحام الذي نعيشه طوال ساعات اليوم والليلة.
فماذا لو فكرنا في الأمر، وهو دمج الأندية القريبة من بعضها لتكون أربعة أو خمسة أندية؟. لماذا لا تكون أندية الصفا والسلام ناديًا واحدًا.. مضر والترجي ثانيًا، أندية الخويلدية والجارودية والابتسام والهداية ثالثًا، الخليج والساحل رابعًا.. أندية الجزيرة والنور والهدى خامسًا.
يستحيل أن يبقى حال أنديتنا الثلاثة عشر على ما هو عليه، وأن تقاوم التغيير دون تفعيل أدوارها وما هو مطلوب منها، وهي في غالبها تعاني الكثير، أهم ذلك شح الطاقات الإدارية وتمنع المحيطين من التصدي للمسؤولية لأسباب مختلفة، إضافة للكوادر التنفيذية التي تدير الألعاب.
غير ذلك افتقار الطواقم في غالبها للخبرة والمؤهلات التي تساعدها على جودة الأداء وبأساليب علمية وإدارية وفنية مطلقة ودون ارتجال، خلافًا لما يحدث في أنديتنا والذي هو عبارة عن تسيير أعمالها وأنشطتها باجتهادات شخصية تصيب حينًا وتخطىء أحايين كثيرة.
لن تستطيع هذه الأندية مقاومة التغيير القادم، وهي بالكاد تستطيع أن تعبر ما أقر خلال الموسمين السابقين من استراتيجية وحوكمة حصدت منها بعض الأموال التي سيرت أنشطتها، وغدًا سيختلف الأمر مع شروط ومطالب أكثر دقة وأهمية لا بد من تنفيذها، على أمل أن تكون أنديتنا في مأمن من الفشل.
ربما تكون فكرة الدمج فكرة مجنونة أو صادمة عند البعض، ولا يتصور الكثيرون حدوث ذلك، والسؤال: ما البديل؟، وما الإجراءات التي يجب اتخاذها قبل أن يطبق عليها ما لا تعلم بتفاصيله بدقة حتى الآن؟، وربما ليست لدى الأندية الطاقة على تطبيقه، ولن تجد عندئذٍ من يتفضل عليها برعايتها والاستثمار فيها.
وقفة:
طلاقة اللسان ليس في طول الكلمة وبريق العبارة، ولكنه في نقاء ألفاظهِ وصفاءِ حروفهِ بما يَطِيبُ ولا يعِيبُ.