يقال عن الحديث إنه “معنعن” إذا رواه فلانٌ عن فلان وفي النّاس من يعجز عن دعوة صديق أو جار أو ذي رحم مباشرة وتأتي الدعوة: يا فلان قل لفلان أنت مدعو لحضور زواج فلان! فهل في هذا شيء؟ هي دعوة وانتهى كل شيء!
لو سألتم أغلب النّاس سوف يقولون لكم: نعذر أحيانًا ولا نعذر أحيانًا! فلان عنده رقم هاتفي ويعرف سكني وهو صديقي أو قريبي وما أسهل أن يتصل بي شخصيًّا ويكرمني أو يرسل لي دعوةً مباشرة! أظنّ أن فلانًا لو رغب كثيرًا في حضوري لحرصَ على إبلاغي بالمناسبة شخصيًّا! هل تحضر أم لا؟ هل تعذر من لا يحضر؟
فلان في مجموعة تواصل -المنتشرة هذه الأيام- يضع بين أيدي الأعضاء دعوةً عامة ويخص بعضَ الأعضاء بدعوةٍ خاصة، الدعوة العامة تبقى عامة! هل تَحضر أم تَغيب؟ هل تعذر من يغيب؟
خلاصة الأمر لا تتكاسل إذا رغبتَ في حضور صديقٍ عزيز أو قريب بأن تدعوه مباشرة وتحسن الدعوة! أعرف أصدقاء يجيبون دعوة من يدعوهم بالحضور ويكتفون بالتهنئةِ والسلام ولا يهتمون كثيرًا بالأكل! إدخال السرور على قلب المؤمن إذا كان في إطعامه فليكن أيضًا في إكرامه! من يجب دعوة محبّ إلى وليمة زواج أو بيت جديد أو مولود لا يحضرها من أجل اللحم والأرز والمكسرات إنما يحضرها كرامة للداعي واستجابة لدعوة أخٍ كريم أو أختٍ كريمة؛ جمال الدعوة لا يُنسى أما الأكل والشرب فلا يبقى في الذاكرة أكثر من مدة هضمه.
من ذكريات ما قبل الهواتف وتطبيقات التواصل الاجتماعي، دعوة الولائم يقوم بها “العزام” وهو شخص يعرف بيوت الجيران. يوصيه صاحب الزواج أن يدعو الجيران فيطوف ببيوتهم فردًا فردًا يدعوهم: فلان يدعوكم لحضور زواج ابنه وتناول وجبة الغداء أو العشاء ليلة كذا في مكان كذا فيرد من في الدار: أغناهم الله وكثر الله خيرهم وشكرًا لهم على الدعوة!
بعد ذلك جاءت فترة بطاقات الدعوات المزينة والمطرزة؛ إما فاخرة وجميلة تستحق أن يحتفظ ببعض أنواعها أو بسيطة كما يرغب الداعي. ذلك قبل أن نصل إلى ما نحن عليه من دعوات عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أو الاتصال المباشر.
يقول المثل الشعبي: “لاقيني ولا تغديني”! أحسن استقبالي ودعوتي وبالغ فيها ولا تتكلف في الطعام فكما يقول الإمام علي -عليه السلام-: “شرّ الإخوان من تكلف له”. ملامح بشاشَة وابتسامة منفرجة على وجه صديق أو قريب ألذّ وأشهى من ألفِ صينية عليها خِراف مشوية!