الكواسر أبطال في الماضي والحاضر!

تصدرت الكواسر المضراوية المشهد في أغلب فترات الموسم في النسخة المنتهية من دوري الأمير فيصل بن فهد السعودي الممتاز لكرة اليد، بل تمتعوا بالأفضلية حتى مع التساوي في عدد النقاط مع المُتَوج نادي الخليج مدرسة كرة اليد السعودية، بسبب صلابة الدفاعات المضراوية التي يصعب على المنافسين اختراقها والقوة الهجومية الضاربة التي يمتلكها الفريق، لكن سوء الطالع في الأمتار الأخيرة بسبب تعدد الإصابات، والغيابات لأعمدة الفريق، وعدم وجود البديل الجاهز حال بين الأملح المضراوي والاحتفاظ بلقب الدوري للعام الثاني على التوالي.
سرعان ما تعافى الأسد الجريح كما وصفه أحد المعلقين وعاد للقتال بكل شراسة وقدم مستويات قوية لاقت استحسان العشاق والمتابعين والمحليين وكان منافسًا عنيدًا في كأس الأمير سلطان بن فهد لكرة اليد على الرغم من كل الإصابات، والغيابات التي ضربت الفريق في نهاية الموسم لكن لم يحالف الكواسر الحظ بالوصول للمباراة النهائية حيث المنافسة بَلغت أشدها في السنوات الأخيرة، وتُلعب البطولات على جزئيات بسيطة والتوفيق والتتويج سيكون من نصيب الفريق الذي يتمتع بخبرة وجاهزية بدنية ونفسية أكثر من المنافسين.
يعتمد نجاح الفرق في زمن الاحتراف إلى حد كبير، على حجم الاستثمارات وحسن الاختيار في استقطاب الكفاءات المحلية من لاعبين وإداريين. بالإضافة إلى جهاز فني مُقتدر ذي كفاءة عالية، يُحسن السيطرة على غرفة الملابس، وتوظيف اللاعبين بأفضل صورة ممكنة، وإيجاد الحلول لتعويض النقص واللعب بنهج خططي يتناسب مع كل منافس، وكذلك استقطاب لاعبين محترفين من أصحاب المستويات العالية، والتي تتناسب مع حجم المنافسة القوية في المنافسات المحلية والقارية وبالتالي تصنع الفارق في المواجهات الكبيرة.
ذكر المعلق المُبدع والخلوق والمُحايد علي المحسن في إحدى المباريات “مضر يُقارع المنافسين والظروف”، عشاق العالمي وبالخصوص المقربون من الكيان المضراوي يعلمون حجم الصعاب التي يواجهها الفريق، في الوقت الذي يستعد فيه المنافسون لملاقاة مضر بدخولهم في معسكرات خارجية، فإن باص النادي يجوب القرى والمدن، بحثًا عن صالة رياضية يؤدي فيها تمارينه اليومية. نعم الظروف الصعبة وشح الإمكانات ليس وليد اللحظة، كما أن الظروف ليست شماعة تُعلق عليها الإخفاقات، ولكنها تلعب دورًا رئيسًا في استقرار المستوى الفني والنفسي للفريق! فالكواسر المضراوية لا تبالي بالصعاب، وتلعب حبًا في الشعار ومن أجل إسعاد الجماهير المضراوية الكبيرة والوفية والمؤازرة، التي تقف خلف فريقها مهما قست عليه الظروف. في كثيرٍ من المناسبات، حولت كواسر القديح الصعاب وبدعم من الجماهير الوفية إلى قوة وحصدت الألقاب، وهذه هي ردة الفعل التي تنتظرها وتستحقها الجماهير المضراوية!
يصعب على نجوم الكواسر أن ينتهي الموسم والجماهير مكسورة الخاطر! كما ذكر الكابتن الخلوق والمتواضع حسن الجنبي (العمدة) في أحد الحوارات التلفزيونية “التتويج الحقيقي هو إسعاد الجماهير الكبيرة التي تقف خلف الفريق”، غالٍ والله غالٍ هذا الجمهور البرتقالي! بطولة النخبة السعودية لكرة اليد كانت الفرصة الأخيرة للكواسر في هذا الموسم للعودة مجددًا إلى مكانهم الطبيعي في منصات التتويج وبالتالي مصالحة الجماهير والعشاق.
لم يتغير الوضع فيما يخص الغيابات بل ازدادت الأمور تعقيدًا بانتهاء عقد المدرب الأجنبي وإسناد المهمة في وقت قصير إلى ابن القديح المدرب الوطني السيد جعفر أبو الرحي والذي كان بحجم التحدي، ومن ثم إصابة وغياب المحترف التونسي أمين بالنور وهو أحد اللاعبين البارزين والمؤثرين في هذا الموسم، لكن مضر بمن حَضَر منافس قوي كما عرفه الجميع وبطل لا يهزم بسهولة!
مع انطلاقة بطولة النخبة لكرة اليد أو كما تسمى نخبة الكبار ومضر أحد كبار اللعبة، كيف لا وهو المُتوج بلقب هذه البطولة في خمس مناسبات، حماس وروح الكواسر التي دائمًا ما كانت تصنع الفارق في المواعيد الكبيرة كانت حاضرة وبقوة طمعًا في الحصول على النجمة السادسة.
عَزَفت فرقة الكواسر المضراوية سيمفونياتها المعروفة التي أطربت وأشعلت لهيب المدرج البرتقالي عن بكرة أبيه. واصلت الكتيبة المضراوية تألقها وإبداعها اللافت حتى كان لها ما تصبوا إليه في نهاية المشوار لتكون الكواسر المضراوية على رأس هرم كبار اللعبة.  نعم مضر والتتويج صُحبة مضر حقق كأس النخبة!
ضياع بطولة أو نتيجة مباراة واحدة وإن كانت غير متوقعة من أشد المتشائمين، لا تغير من حقيقة أن مضر عالمي ويظل رقمًا صعبًا في كرة اليد السعودية والخليجية والآسيوية، بالرغم من قلة الإمكانات. مضر ممول رئيس ليس فقط للفئات العمرية المختلفة للمنتخبات الوطنية، بل لا يكاد يخلو نادٍ في الدوري من وجود لاعب أو أكثر من خريجي ملاعب القديح الإسمنتية! وهذا دليل على جودة وكفاءة وعلو كعب مدرسة كرة اليد المضراوية.
نعم هو وقت للاحتفال بالتتويج والتغني بهذا الإنجاز الذي جاء في ظل ظروف صعبة يعيشها الفريق وعلى حساب أقوى المنافسين. لكن لا يجب أن تلهينا وتشغلنا الفرحة عن التخطيط للمستقبل وقادم المواعيد فالجمهور المضراوي لا يزال مُتعطش للمزيد من البطولات والإنجازات. كما يجب على الطاقم الإداري والفني والمخلصين من أبناء القديح وقبل انطلاقة الموسم الجديد، الجلوس على طاولة الحوار وتحليل الوضع من جميع النواحي والوقوف على أسباب الإخفاقات لتجنب الوقوع في نفس سيناريو هذا العام وضياع لقب الدوري في الأمتار الأخيرة من السباق، واتخاد القرارات الصائبة والمناسبة التي تصُب في مصلحة الفريق بالدرجة الأولى، إذا ما أراد الفريق المواصلة على نفس النسق في دائرة المنافسة في الاستحقاقات القادمة.
المستحيل ليس مضراوي فالقديح ولادة وتملك لاعبين من مختلف الفئات العمرية على مستوى عالٍ من القدرة والكفاءة والمهارة والانضباط، ويملك قاعدة جماهيرية كبيرة تَعدت حدود الديرة متحمسة وفية ومميزة في عطائها وتشجيعها وأخلاقها وروحها الرياضية، وطاقات وكفاءات إدارية وقيادية مُتَمكنة وقادرة على مواصلة النجاحات وصناعة التميز والحفاظ على التاريخ والإرث التي تعاقبت على بنائه إدارات مختلفة. كلنا ثقة وأمل بأن القادم إن شاء الله أفضل لمختلف الألعاب بتضافر الجهود والعمل بروح الفريق الواحد لخدمة الكيان المضراوي!


error: المحتوي محمي