أعظم عائد استثمار نخطط لأولادنا وبناتنا!

ونحن نراقب عداد سنوات العمر يمر بسرعةٍ فائقة، لا ندري كم مليونًا من الريالات يرث الأبناء والبنات بعد موتنا أم نموت مفلسين مدقعين ولكننا نخطط – ونعمل – بكل جدّ واجتهاد أن يرثوا شيئًا واحدًا لن نندم على التعب فيه والتخطيط جيدًا من أجله!

ليس عمارة للإيجار أو وديعة ضخمة بالدولار! إنما هو المحبة والوئام بينهم. مؤسف جدًّا حين نرى ونقرأ عن حال بعض الإخوة والأخوات من تنافر وتناحر وعداوات شيطانيّة؛ الأخ الذي يفترض فيه أن يشد عضد أخيه يقصم ظهره! والأخت الكبيرة التي تستر أختها الصغيرة؛ تآزرها وتحل مشاكلها، لم تعد موجودة!

كيف يكونون بعد موتنا؟ لا ندري! ولكن تعلّمنا شيئًا واحدًا في الحياة ونحاول أن يتعلموه: الحبّ عادة والكره عادة والاهتمام عادة وقلة الاهتمام عادة، الإنسان وما اعتاد والنفوس الكبيرة تعتاد الأمور الكبيرة! نعلمهم ونعلمهنّ أن المال يداس بالحذاء من أجلِ إسعاد بعضهم بعضًا، وأن الوقت غير ذي قيمة في المقهى والشارع وله قيمة تفوق الجواهر والذهب في الحديث والاستئناس مع أخي وأختي! أعلمهنّ وأعلمهم أن الحبّ أكبر كنز.

العمارة تتهدم والمال يفنى وأذكر لكم أبنائي وبناتي ثلاثة نماذج بقيت في ذاكرة البشريّة وتعرفونها جيِّدا؛ يوسف عليه السلام وإخوته، هارون وموسى عليهما السلام وموسى وأخته، ولكم أن تختاروا أي واحد من هذه الثلاثة:

أولًّا: دون أن يقول من هو المقصر، قال يوسف عليه السلام بصورةٍ مجملة: {مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} و”نزغ الشيطان” تعني أنه سعى بيننا بالوقيعة وحمل بعضنا على بعض! وأنتم ترون ماذا حصل لهم كلهم – يوسف وإخوته – من عناءٍ وتعب!

ثانيًا: قوله تعالى عن موسى وهارون: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ}! شدّ عضده بأخيه كناية عن تقويته به، والمعنى: سنقويكَ ونعينك بأخيك هارون ونجعل لكما سلطة وغلبة، وتحقق وعدُ الله لكليهما!

ثالثًا: أحبّت أمّ موسى أن تعرف مصير ولدها فأمرت “أخته” أن تتبع أثره وتعرف خبره وقالت لها: “قُصّيه”. استجابت أخت موسى لأمر أمها وأخذت تبحث عنه حتى رأته من مكانٍ بعيد، في صندوقٍ يتقاذفه موج الماء، وقوم فرعون لم يلتفتوا إلى أنّ أخته تتعقبه؛ ارتاحت أمُّ موسى ونجا موسى!

لن يكسركم أحد ولن ينالكم ضيمٌ ولا ذلّ إذا اتحدتم. أما إذا تفرقتم شتاتًا تكسرتم وتشتتم وداسكم الغرباء بأرجلهم!

كونوا جميعًا يا بنيّ إذا اعترى ** خطبٌ ولا تتفرقوا آحادَا
تأبى الرماحُ إذا اجتمعنَ تكسرًا ** وإذا افترقن تكسرت أفرادَا

مرَّة أخرى آمركم كما أمر يعقوب عليه السلام بنيه حين تأزم الوضع بأن يبحثوا عن يوسف وأخيه بنيامين، حيث قال لهم: “يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه”. ابحثوا عن الخير لبعضكم دون استقصاء العيوب!



error: المحتوي محمي