شوارعنا على عجل تهرت
وتاهت في تصدعها العصور
أتتها غفلة النسيان عمدا
ونام السعد فيها والسرور
تقلبها المواجع ضاحكات
وتكتبها على أسف شرور
مواويس تجرعها حروفا
وتنثرها على جمر سطور
أسالت حزنها نهرا غريقا
تماوج غصةً فيه الحبور
سنون من عجاف الدهر حلت
فطال الدهر واستشرى قصور
أرادوا البطش بلآلام حتى
بكاها الدمع وارتعب الشعور
غموض أغمضت جفن المعالي
وسارت نحوه قمعا تدور
رويدا حلمها أضحى أسيرا
لآهات يراودها الفجور
فلم تعبأ بآلام الليالي
وغما حطه دهر عقور
تباهت بالإباء فكان ردفا
وأعطاها الأمان فحل نور
أحالوا عطفهم جورا وظلما
فماتت في شوارعنا الزهور
سحاب من أسى حفر ترامت
ونامت غفلةً سُوَرٌ وسُوْر
شفيقات شوارعنا تداعت
وأنحل خذرها العطب الزجور
فيا لله من زمن غبي
تساوى الستر فيه والسفور
وأوتار العفاف قُطِعْنَ صبرا
فما رقص القصيد ولا البحور
شوارعنا حكاية يوم سعد
توارثها وريث الغي ثَوْرُ
فأحدث في جوارحها ثقوبا
أتت بالويل فاقتربت قبور
تراها أينما وليَّت خسفا
تحكّم في عواطفها ثبور
فما عادت كما كانت بتولا
تصون العرض والأعراض طور
تبرّج كلُّ ما صان الهداة
وألقت سترها عبثا ستور
فيا لله من قلب تعامى
فبات الحال في سفه يحور
هو الماضي وما أحلاه شهد
تقاطر عفة والستر نور