تتوالى أخبار سارة عن إبداع شبان وشابات من وطننا في تحقيق جوائز علمية متقدمة؛ ذلك من فضل الله والرعاية التامة لهم. ليت هؤلاء المبدعين وغيرهم يتوجون هذه الإنجازات العلميّة بتسجيل رسمي لبراءات اختراع!
صار الغرب أشطر منا في تسجيل براءات اختراع واحتَفظنا بذكريات تاريخ الأوائل المخترعين بدلًا من ذلك! هذه الشطارة عائدة في جزءٍ كبير لسرعة الغرب -ومعهم دول أخرى غير عربية- في التنبه وسرعة المبادرة إلى تسجيل براءات الاختراع ثم تحويلها إلى منتج صناعي واقتصادي. أما أنه زيادة في نشاط الفكر والذكاء فتلك مسألة فيها نظر!
انتَبهنا بعد طول مدة إلى أهمية تسجيل براءات الاختراع وكونها من مؤشرات الصدارة العلمية والملكية الفكرية فحبذا لو نشّطنا وسرّعنا توظيف الشبّان والشابّات في سنواتٍ مبكرة -سنوات الدراسة الثانويّة مثلًا- وحثثنَاهم على الوصول لهذا النهايات؛ أي تدوين الأفكار وتسجيلها رسميًّا!
ما من فرق بين الشاب الصيني أو غيره والشاب العربي بحيث يتفوق الصيني في تسجيل المنتجات الفكرية، إنما الفرق يكمن في رغبة البلد -الصين- في تعزيز موقعها كقوة اقتصاديّة عالميّة بتقديم مستوى قياسي من طلبات براءة الاختراع (38% عالميًا) على أن تتبع خطوات التسجيل بخطوات إنتاج الابتكار على أرض الواقع ما يعزز من موقع الصين كدولة صناعيّة متقدمة.
بعد زيادة إنتاج براءات الاختراع بسرعة في السنوات الأخيرة، تصدرت الصين الرسم البياني في 29 من إجمالي 36 مجالًا بما في ذلك تكنولوجيا الكمبيوتر والآلات الكهربائيّة والاتصالات الرقميّة. أدى تركيز الحكومة الصينية على الابتكار إلى حصول المتقدمين في البلاد على 38% من 1.6 مليون براءة اختراع مُنحت في عام 2021م.
ماذا لو بدأنا مبكرًا باهتمام المدارس في مسابقات فكرية وتشجيع وتحفيز القطاع الخاص على الاهتمام بهذه الفكرة؟ لا تستغرب إذا ما وجدنا أفكارًا كثيرة تستحق المتابعة وتصل في خواتيمها إلى تسجيل براءة اختراع لمنتج تجاري يمكن تطويره!
إجمالًا، إذا أردنا أن نكون نشطين ومهتمين بالإنتاج الفكري وتسجيل أرقام مرتفعة في عدد براءات اختراع علينا تدوين الفكرة وطرحها خارج أدمغتنا؛ لا يكفي أن نكون أذكياء نظريًّا. نحن أمام حركة عالمية في الفكر ولدينا من الطاقات والمواهب والإبداع ما يؤهلنَا لنكون في مقدمة الشعوب والأمم إن أردنا ذلك!
مسافة كهذه من ألف ميل تبدأ بخطوة والسر يبقى في التبني للأفكار والمثابرة على تسجيلها وبعد ذلك وضعها في خط الإنتاج الاقتصادي. وعلينا أن نتذكر: أنّ كلّ علمٍ ليس في القرطاس ضاع!