كثيرًا ما تجد نفسك في تلك السطور وبين تلك الكلمات التي يبوح بها البعض في قراطيسهم فروحهم تعانق تلك الحروف لتضيء وتتوهج مشاعر الحب المنطبعة على كتاباتهم فتنجذب لكل ما يكتبون على صفحاتهم وفي مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم والتي تكون بمثابة المحفّز والدافع إلى زيادة التعلق بهم وكأنهم نافذة إلى عالم الكلمات والحروف، عالم اللا محدود، لطالما عشقنا هذا العالم الذي كان حلمًا في الأعماق دون أن يكون له وجود في الواقع؛ بسبب الغشاوة الفكرية والانفرادية في التفكير، فقرأت أفكار الآخرين تخرجك من الانفرادية إلى الاجتماعية والانفتاح في المشاعر لكونك تعيش مشاعرهم وأنك لست الوحيد في مشاعرك لذا تظل العقول كالكهوف المظلمة المخيفة حتى تسمح بدخول الضوء إليها فتحيا وينبثق نور من جنباتها يطوي المسافات والأزمنة ويخترق الحجب ليستقر داخل الروح.
فالتقارب الفكري بينك وبين أحد ما ينسج جسرًا من التواصل الروحي يجعل كلًا منهما في فكر الآخر القارئ والمقروء لا يغيب ولا ينفك، بل يتخذ قاعدة الغائب الحاضر فهذا التواصل ليس ماديًا ولا يخضع للعلاقات المادية القائمة على المصالح والمجاملات أو انجذاب جنس للجنس الآخر، فالاحتياجات هنا روحية ذات مذاق مختلف يجعلك تعيش النقاء والشفافية بعيدًا عن الملوثات، والعوالق، لكون هذه العلاقة تؤثر فيك بشكل ملحوظ وتبني فيك هيكلة سلوكية وأخلاقية تتسم بالرقي والسمو الفكري والوعي المثقف، لذلك تكون أهدافك واضحة وقراراتك مدروسة ومبنية على قواعد متينة فتجارب الآخرين وخبراتهم مكتسبات وموروثات ثقافية داعمة لأي مسيرة ناجحة، إذ لا يمكن أن نكون بمعزل عن تلك الموروثات الثقافية فقراءتك تحدد مستوى اختياراتك ونوعية من تجالس من الكتب، فاللقاء لا يتطلب حضورًا جسديًا بل حضورًا روحيًا وعقليًا تتسع فيه المدارك وتسمو فيه النفس لكونها خرجت من ماديات المكان لتحلّق في فضاء المعرفة.