أيها الضافي سماحة
وطيب معشر، محياك
مبتسم متلألئ تحيي
الجميع على السواء،
تحايا حب ومراحب قلب
وزعتهما لكل من يألفك
منذ اللحظات الأولى. يا سيد الطيبة
أنت طيب من نسل الأطياب، كريم النفس
سخي السلامات في البعد والقرب، من عاشرك أو اقترب منك سيلمس
معدنك الأصيل، وفيًا
شهمًا ذا حمية وفزعة،
لم يرك المقربون يومًا عابس الوجه أو مقطب الجبين، بل كل أسارير الفرح مرسومة على تعابير وجهك بحسن استقبال، تحيي من يأتي
إليك بجمل خفيفة على لسانك عرفناك بها “يا حيا الله من يانا” وتردفها “هلا ومية هلا”، وحين يأخذ الحديث شجونه تلقي على الجالس تحية جياشة
“خلف ابوي أنت”،
سوالفك تأسر القلب
لا جدال لا محاججة،
لا غلبة رأيك على رأي الآخر، لطف وقهقهة في الكلام وفرفشة في البدء والختام، وحين يعجبك قول أحدهم تكافئه
“يا عسل أنت” متبوعة بضحكات، وحين ينفض الجلاس، يحمل كل واحد منك مسك طيبة وبهجة وانشراحًا، وحتى لو كان
به كدر، يزول، صدى كلماتك ترن في الآذان: “خذ الدنيا ابساطة، لا تشيل هم”،
صحيح يا ناصر السعادة هي العيش ببساطة،
ومن جاور السعيد
حتمًا سيسعد.
كنا سعداء في حضورك
الٱسر على الرغم مما ألم بك من مصاب، فأنت ملكت القلوب وأسرت الأنفس بطيبتك اللا متناهية،
ما حالنا اليوم بعد الغياب،
إلا الصبر والسلوان.
وماذا عساي أن أقول في ذكراك والذكرى مؤرقة،
سأدري الحزن وأكفكف الدمع، سأرتحل
طاويًا عقودًا مضت من أعمارنا سأرجع لأكثر من خمسين عامًا للوراء كيف أبصرك الرفاق فتى تحب مداعبة المستديرة بعفوية بالغة، ينثال الإعجاب تصفيقًا وهتافًا كلما عدوت بالكرة بمهارة عالية، فقد
تملكتها وتملكتك، عشق متبادل منذ الصغر لعب
مع الأصحاب على سيف السنابس حينما يكون الماء جزرًا، حفاة والحماس يأخذكم بملوحة البحر، لا صافرة ولا حكم،
والمرمى علامة من جريد نخل أو كوة من رمل مبلل.
فرحتكم باللعب لا تضاهى يتوقف الردح حين يعبر أبوك حاملًا على كتفه خيرات البحر.
الشاطئ والبحر هما الشاهدان على بداياتك الأولى والحال ينطبق على ربعك والخلان.
حين بلغت التاسعة عشرة من عمرك أعلن تسجيل نادي الهلال رسميًا عام 1971 ليتحول بمسماه الجديد نادي النور بسنابس، وتبدأ صفحة جديدة، يهب الشباب بطاقات متقدة
لدعم عجلة النادي في جميع الألعاب والأنشطة المختلفة، رياضية وثقافية واجتماعية.
بروزك الكروي أهلك من درجة الشباب مباشرة للفريق الأول، لاعبًا أساسيًا في أغلب المباريات، وينصرف عنكم اللاعبون القدامى بعد أن كبروا في السن، ومن ضمنهم ابن عمك أبو عبد الخالق عليوات،
لكنك مستند على أصحابك المقربين لقلبك المعروفين بفريق شرق، محمد علي تلاقف،
عيال الدولة (حسن وعباس)، أبو جلال علي رضي ابريه، حبيب ابريه نصر أبو عبد الله، فضل آل سالم، حسن الأبيض، عبد الله الكواي، عباس جواد، ميرزا الحسن.
محمد زريع، حبيب رمضان.
ومستجلبًا أبناء أختك أحمد وعبد الله أبناء علي العبندي وزوج ابن أختك أحمد العصيص أبو هشام، وصديقك أحمد الطوال،
كانت بداياتكم في الدوري متعثرة والهزائم مثنى وثلاث ورباع، وبعد مرور خمس سنوات عجاف، جاء دوركم وأصبحتم أسياد اللعبة رحتم تكتسحون الفرقة تلو الأخرى مثل خيول جامحة لا أحد يقف في طريقكم، حينها يا ناصر
كنتم أحسن فرقة أخرجتها جزيرة تاروت، ليس هذا فحسب،
إنما على مستوى محافظة
القطيف والدليل صعودكم
لمصاف الدرجة الأولى عام 1979م وأيضًا مقارعتكم للكبار في مباريات كأس الملك،
واعتبرت يا ناصر صاحب أول هدف في ملعب الملز بعدما غطي بالعشب الصناعي ضد فريق الرياض.
يتناهى لسمعي تلك الصيحات (ناصر.. ناصر.. ارفع ارفع) رفعاتك خطرة موزونة بل قاتلة قذفتها الرؤوس أهدافًا في مرمى الخصوم، ولك نصيب وافر من تلك الأهداف بفضل تسديداتك القوية التي لا تصد ولا ترد.
كم لي من المواقف المبهجة والذكريات العطرة معك في رحاب
مدرسة الإمام مسلم كنا زملاء لسنين خلت بل إخوة والذاكرة حافلة
بالمشاهد والصور.
يا ناصر استوحشتك
الأيام بعدما رحل أخوك
أبو فلاح وأختاك أم لقمان و أم أحمد العبندي
وبعض الأقارب، برغم مما ألم بك من حسرات على فراق الأعزاء، رأيناك صابرًا محتسبًا لله مؤمنًا بقضائه وقدره، أي نفس أنت حاملها بعدما صار السرير الأبيض ملازمًا لك طوال الوقت مثل ظلك، تقابل من يفد إليك بأجمل ترحاب وكأنك فتيًا لم تزل.
كم داعبتك ترويحًا بنغمة
العندليب كررتها عليك بالأمس “ناصر ناصر ..
نااااااصر وكلنا حواليك”
وأنت تعرف معنى الاستعارة، تتبسم لي وكأني أراك ذاك الشاب الذي لم يخطه الشيب
ولم يعجزه المرض.
أعبر بين زمنين، أول مرة رأيتك فيها عام 1392هجرية، يصيح عليك الصحب (ناصر ناصر.. ارفع ارفع) وفي الشهر ما قبل الأخير من عام هذا 1444هـ نبصرك مرفوعًا بين أكف الأحبة لتسكنك في مستقرك الأخير.
يا ناصر نم قرير العين
فلديك أولاد وأحفاد وأقارب وأصحاب خلص،
رحلت عنهم ولم ترحل
فهم يحملون سيرتك الوضاءة في
أبهى صور.
يا بهي الطلعة
يا حلو المعشر،
انظر ليدي كم مرة صافحتك؟ بحسرة
الآن افتقد دفء كفك، تلويحة بنبض القلب،
سلام عليك يا ناصر
بن علي عليوات يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيًا.