حافظوا على «قصر النظر» في أعينكم!

نعيش هذه الأيام في الأسبوع العالمي لـ”قصر النظر” فقد أصبح ظاهرة عالمية يتوقع أن تصيب 50% من سكان العالم بحلول عام 2050م.

“قصر النظر” هو أحد عيوب الإبصار الانكسارية ويعني وضوح في رؤية الأشياء القريبة وصعوبة في رؤية الأشياء البعيدة بسبب عوامل في العين تجعل الضوء الذي يدخل العين يقع في نقطة قبل مركز الإبصار بالشبكية.

ورغم أنه بالشكل العام مرض بسيط وغير مخيف إلا أن سرعة تغيره وانتشاره في العالم جعلت الأوساط الطبية والعالمية تضع دراسات عنه وتبحث عن حلول لوقف تدهوره وضمنته مع الأيام العالمية لتثقيف العالم بقصر النظر مع دعوات لمحاولة الوقاية منه.

كم مرة سمعت عن طفل لا يرى السبورة بوضوح حين يجلس في الصفوف الخلفية؟ كم مرة اشتكت المعلمة من أن طالبتها تنقل خطأ من السبورة؟ كم مرة ركبت مع قائد سيارة وعرفت أنه لا يرى المطبات أو اللافتات البعيدة؟ كم مرة رأيت أحدهم يضيق عينيه ليبصر ملامحك البعيدة؟

كلنا نلتقي بـ”قصر النظر” ونرى المصابين به في كل مراحل الحياة فهو الأكثر انتشاراً بين الناس.

يبدأ قصر النظر بالظهور في سن الطفولة وكلما كانت الدرجات عالية تظهر الأعراض بشكل مبكر أكثر ويستمر في التغير لسن العشرين تقريبًا وللأسف فإن تدهوره في بعض الأشخاص يكون سريعًا وبشكل كبير.

ومن أعراضه بالإضافة لعدم رؤية الأشياء البعيدة: الحاجة لتضييق العين لرؤية البعيد، وصعوبة رؤية السبورة أو صعوبة القيادة ورؤية اللافتات البعيدة، وتغير حدة الرؤية في الليل، والصداع، والرمش بشكل مستمر، وتقريب الأشياء القريبة بشكل واضح من العين.

وصحيح أن علاجه شيء بسيط وهو استخدام النظارة الطبية أو العدسات اللاصقة أو بعد ثبات النظر عند وصول العمر أكثر من 18 يمكن تصحيحه بعمليات تصحيح النظر كالليزك ونتائجها ممتازة مع قصر النظر. إلا أن الدرجات العالية من قصر النظر وتدهوره السريع تزيد احتمالية انفصال الشبكية.

عادة ما ينتشر “قصر النظر” في نفس العائلة إذ أن العامل الوراثي هو المسبب الأساسي والرئيسي له ويزداد إذا كان من الطرفين.

ورغم أن عدم ثبات النظر هو شيء طبيعي إذ تتغير المقاسات بتغير نمو وحجم العين إلا أن الدراسات الأخيرة أثبتت أن سرعة وتدهور الدرجات لها أسباب تتعلق بأسلوب الحياة كاستخدام الأجهزة لساعات طويلة وقلة الأنشطة الخارجية وهذا ما أكدته الجمعية الأمريكية لطب العيون بدراسة نشرتها عن تدهور حالات قصر النظر بشكل ملحوظ أثناء جائحة كورونا.

ومع القلق العالمي من تدهور حالات قصر النظر خاصة في الأطفال ظهرت تجارب عديدة لكبح التدهور وأصبحت هناك جامعات تعطي كورسات مكثّفة للمختصين عن “السيطرة على قصر النظر” فهناك تجارب موثقة ومثبتة لاستخدام نظارات خاصة أو قطرات معينة أو عدسات مختصة ولله الحمد آتت ثمارها في كثير من الحالات.

لا نملك طريقة لمنع ظهور “قصر النظر” لكننا كمختصين نوصي بالفحص المبكر والدوري للعين بالإضافة إلى زيادة الأنشطة الخارجية وتقليل استخدام الأجهزة خاصة للأطفال، كما نوصي الصغار والكبار بعدم استخدام الأشياء القريبة (أجهزة، كتب) لساعات متواصلة فالقاعدة المهمة تقول: كل 20 دقيقة خذ استراحة لمدة 20 ثانية وانظر لشيء بعيد مسافة 20 قدمًا.

لا نستطيع “إيقاف” تغير مقاسات قصر النظر لكننا نحاول أن نقلل سرعته ونقصره بالعين بأقل الدرجات الممكنة. حافظوا على “قصر النظر” في أعينكم ولا تدعوا تسارع الحياة يغيره بسرعة.


د.فاطمة عبدالكريم النمر
مسؤلة قسم البصريات في مستشفيات المغربي- المنطقة الشرقية.



error: المحتوي محمي