قبل بضعة أيام كان حفل توقيع ديوان (هطول) للشاعرة عقيلة الربح المنحدرة من منطقة العوامية بالقطيف.
لأوّل وهلة شعرتُ بأن الحفل كان عرسًا أدبيًا، الجميع كان يتحدّث بلغة ساحرة، قد تناثرت مشاعر الفرح بين الكلمات وتصافحت القلوب مهنئة شاعرتنا المتألقة.
لاحظت امتلاء عروق شاعرتنا بموسيقى الشعر التي ما لبثت أن تغنت بها لتصبح أميرة ذلك الحفل.
عندما قررتُ أن أسبر أغوار نفسي لأخرج أحاديث الفرح تعبيرًا عن هذا الحدث الجميل تتابعت الكلمات وأصبحت جميع التراكيب اللغوية طوع يديّ، لم أختر أيّ لفظ أُقحمهُ في حديثي؛ لأن تجربة عقيلة الشعريّة مدرسة ناهضة بنتاج أدبي راقٍ تستدعي التبجيل والإشادة.
إنّ المتتبع لشعر (عقيلة الربح) يتوقف عند جمال هطول المعاني التي تُصاحب طبول القوافي؛ فأصواتها تُعلن عن انبثاق شاعرة نفتخر بأصولها التي أزهرت من أرض العوامية الحبيبة.
كما أنّ شعر عقيلة له نَفَس طويل لا يخشى انقطاعه بل يظلّ يتردد ويعلو صداه لأنّه أصبح صنعة لبوس ترتديه بمهارة مما أجبرني على البوح بطريقتها الشّعرية الراقية قائلة:
ارتدتْ وشاح الشعرِ فلاق بها لَبُوسا
وامتطتْ صهوةَ الصنعة فغدتْ عروسا
وعلى الرغم من الهدوء الذي يرسم ملامح شاعرتنا فإنّ أعماقها موج هادر يزخر بمجاراة العديد من القصائد، أذكر منها القصيدة التي نظمتها في مدح الإمام علي تُجاري بها الشاعر علي القطيفي والتي تخلو من النقطة قالت في بعض أبياتها:
وأعلى مدى الإسلام حدّ حسامه
ودار على الأعداء سهمًا مُسددا
أما ديوانها الأول (هطول) فنسجه الفاخر من مداد قلب شاعرتنا، وعزفه مقطوعة موسيقية فاخرة.
وحقّ لنا أن نحتفي بهذه البداية وقد بدت لي غير بداية وإنما هي قصّة استهلّت بالسمو والسيادة فعجبًا لجمال هذا الهطول الثري حينما تقول:
من قال إنّ الحزن يقْتلُ شاعرًا
الحزن فيضٌ ينظم الأشعارا
ما الشعرُ إلا عاشقٌ مُتمرّدٌ
كسر القيودَ وحطّم الأسوارا
كلّ المنى لشاعرتنا المتألقة الأستاذة (عقيلة الربح) بالتوفيق. صاحبتْهَا الهمّة الناهضة، ورافق النّجاحُ جميع خُطواتِها، وبشارات تترا بإصدارت تعقب (هطول).