لا تخلو جلسات الأصدقاء من فوائد شهيّة جدًّا وفي أحد الجلسات فهمتُ أن في خلد ذلك الصديق دار سؤال: تكتب كل يوم فهل من يقرأ؟ سؤال لم أعرف جوابًا دقيقًا له فماذا لو سألت شخصًا: لماذا تصلي؟ سؤال يحتمل ألفَ جواب فيه رياء وألف جواب فيه صدق!
أزعم أني سوف أتوَخّى الصدقَ في هذه الإجابة؛ هي لذّة مثل السكر الحرام إذا اعتادها آثم أو من يتفاخر في هذه الآونة بشرب القهوة كل صباح ومساء كأنه شرب من ماء الكوثر! لا يُسأل من لديه لذّة من حلال يمارسها في حياته؛ رياضة، كتابة، مطالعة، ترحال! ويُسأل من ليس عنده: لماذا ليس عندك متعة صغيرة أو كبيرة من حلال في جدولك اليوميّ؟
لا يهم لو قرأ شخص واحد وأنا أعرف أن هناك أكثر من شخص يقرأ؛ هذا الواحد هو المهم والذي يُكتب له كلّ يوم! لا يهمّ ماذا أكتب أنا وغيري إذا لم يكن ضارًّا، فكم من رواية أو قصة نقرأها ولا نجد فيها غير المتعة الفارغة والتفاعل الآني! أما من يكتب صفحة واحدة فهو بالضرورة يقرأ صفحتين كل يوم أو أكثر، حيث لا بدّ أن يكون حاصل الكتابة أقل بكثير من مجموع القراءة!
السؤال الأهم: من عنده معرفة لماذا لا يتمرد على عجزه وكسله ويكتب حتى ينقلب تمرده إلى متعةٍ نافعة تعمّ؟ لماذا لا نُصنف كأمة أننا من أكثر الأمم إبداعًا وإنتاجًا، وفينا من العقول من عنده قوة فاعلة لو شاء فعل؟! لماذا جلّ الشباب يغرفون من السواقي الضحلة في وسائل التواصل الاجتماعي ولا يشتاقون إلى ورود السواقي الطبيعية وهي الكتب والمقالات؟
لماذا لا تحتل الدول والمجتمعات العربيّة مراكز متقدمة في إنتاج الكتب والمعرفة على ما فيها من طاقات شبابية وإرث حضاري؟ جزء من الإجابة هو التردد في النشر فأحد الأصدقاء لديه عدة كتب مخطوطة لكنه إما عاجز أو غير راغب في نشرها! وثانٍ وثالث ورابع أعرفهم على هذا المنوال والنسق!
الوصية الأخيرة هي: اكتب! وفي أي صنف من المعرفة تستطيع؛ علوم، أدب، هندسة، طب! ما استطعت أن تكتب لكي نسدّ الثغرة الثقافية بالمواهب المتوفرة لدينا ونتقدم أكثر من الآخرين! هناك شريحة وازنة – ممن غادر العمل – ليس لديهم عمل رسمي يشغلهم ومن يريد أن يكتب منهم فهذه الوسائل الإلكترونية تكتب في الطائرة، في الباخرة، وفي السفر والحضر!
اكتب فإن بعض الكتاب – العلماء – فعلهم من أرقى أفعال العبادة حسب ما روي عن النبي محمد صلى الله عليه وآله “يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء، فيرجح عليهم مداد العلماء على دم الشهداء”.