• قمة الحكمة الابتعاد عن فتنة الأمويين والعباسيين على الرغم من إلحاح المتحمسين.
• بناء المجتمع على العلم والفضيلة وإصلاحه أهم.
• كل أمة لا يترعرع فيها العلم والمعرفة هي أمة مترهلة ميتة.
عندما نتحدث عن الإمام الصادق -سلام الله عليه- فإننا نسلط الضوء على الجنبة العلمية العظيمة والحوزة العالمية الفريدة، ونتجاوز جنبات قيادية واعية في غاية الدقة والخطورة، وهذه بحاجة إلى تركيز أكبر وقراءة الواقع الاجتماعي والسياسي ببصيرة أوعى، فالتحليل الواعي كما نقرؤه من أئمتنا الأطهار -عليهم السلام-، هو ربط الأحداث ببعضها بعضًا وفهم الغايات والأصول النفسية في تحليل اجتماعي سياسي واسع، واستنباط النتيجة الحقيقية للواقع ليكون القرار متكئًا على أسس واقعية صلبة، ليعرف الناس أسباب تلك المواقف التي تجرف غالبية التيارات الاجتماعية الواعية منها والعاطفية، التي غالبًا ما يجرفها الحماس وتَعجُّلِ الوصول إلى الهدف بجهلٍ للواقع وضعفٍ في البصيرة والرؤية، فتحول السلطة في الأمة الإسلامية من بني أمية إلى العباسيين وكان بعض العلويين جزءًا من تلك المعارك، فلم يقبل الإمام (ع) بأي طرف مد يده للإمام -عليه السلام- للدخول في المواجهة، ولم يجدوا تجاوبًا إيجابيًا منه، بل كان يرى أن العباسيين ليسوا أفضل حالًا من بني أمية، فردّ كل تلك الأيدي وأعطى العلم والفقه والمعرفة مساحة أوسع، لا خوفًا من دهاليز السياسة أو ابتعادًا عن مسؤولية أمته ومريديه، وإنما لبناء صروحٍ علمية تنتج علمًا ومعرفة، فكل أمة لا يترعرع فيها العلم والمعرفة هي أمة ميتة يعجّل بها الفناء والترهل دون حظوة من وجود أو ذكر في الأمم أو تخليد في التاريخ وحضارته.
وأئمتنا الأطهار ليسوا بصدد فرض واقع بل بنائه وإصلاحه، أو إقامة دولة بل لأجل بناء أمة، وما دامت الخلافة فيها؛ سواء الأموية أو العباسية تخضع للحد الأدنى من الأسس الدينية فهذا قد يكون كافيًا مقارنة بما قد يحدثه حركة التغيير وهو يتهجد بكلمات القرآن “ما تسبق من أمة أجلها” في أن الواقع قد تصنعه، وقد يكون صنعه بحاجة إلى فترة طويلة لا يمكنك بناؤه لمواجهة تحديات الواقع، فيفشل مشروع أمة وضعت ثقتها في أئمتها.
إن مثلث “القيم والعلم والعمل” ينتج أمة قادرة على مواجهة التحديات وصنع الحياة وبناء الذهنية المبدعة التي تستطيع أن تدمج بين قدرتها العلمية وعمقها الديني والأخلاقي.
إن الثوابت الأخلاقية والاتجاهات العلمية تتكامل جنبًا إلى جنب وكلما ضعف جانب قوي الآخر ويصبح كل من الطرفين عنصرًا منفردًا في الساحة الاجتماعية لا يعطيها التقدم الحضاري المطلوب.