يدًا بيد ابنِ نحو النجاح

أولى إطلالات الفرد على مفهوم النجاح والإنجاز تكون بين يدي والديه وهما يحثانه على بذل الجهد في جميع جوانب حياته للوصول إلى أعلى مستويات تحقيق الغايات على أرض الواقع، فالدافع الفطري عندهما يحثهما نحو تعليم وإرشاد طفلهما إلى أن يكون في مهاراته الفكرية والسلوكية والبدنية في أفضل حالاتها، وما نجده من إهمال عند بعض الآباء والأمهات لا ينافي ذلك الدافع الفطري وإنما هو يخضع لإهمالهما لطفلهما وانشغالاتهما الدنيوية، ومع كل مرحلة يتخطى فيها الطفل العراقيل والصعوبات تبدو عليهما الفرحة ويشاركانه نشوة الإنجاز والنجاح والاستعداد لميدان أو مرحلة جديدة، كما أن النتائج غير المقبولة تلقي بظلالها الثقيلة عليهما فيساعدانه على اكتشاف مواطن الخلل والتقصير ويوجهانه لبذل المزيد من العمل المثابر، وهكذا نجد أن تكريس الوالدين وتظافر جهودهما عامل مهم في تكريس معادلات النجاح والتقدم في حياة أبنائهم، والأمر لا يقتصر على الجانب العلمي بل يمتد إلى الجانب النفسي من خلال تبديد المخاوف عنه وكل أشكال الرهاب والقلق، وعلى المستوى الاجتماعي يقدمان له المعايير التي على أساسها يختار الأصدقاء الذين ينسجم معهم ويشكلون جناح المساندة له في الحياة، وبلا شك فإن السير في طريق النجاح وتخطي المراحل الواحدة دون الأخرى ليس بالأمر السهل بالتأكيد ولا يحالفه الحظ بالنجاح في كل مرة، ولكن متابعة الوالدين مع الأبناء منذ الصغر تشجعهم وتنمي إرادتهم وتقويها لتخطي المصاعب والنهوض مجددًا إن سقط في إحدى المراحل.

بلا شك أن الاهتمام في اكتساب الأطفال مفهوم النجاح واستيعابه فكرًا وسلوكًا يحتاج إلى تضحيات من الوالدين ووقفة متابعة لمراحل انتقاله في تحقيق أهدافه وتطلعاته، والتطلع إلى إثبات الوجود والحصول على أعلى درجات الإنجاز هو أمر فطري يولد مع الإنسان، والأسرة تعمل على تأكيده والاهتمام بسيره وتهيئة الظروف المساندة على تحققه، فنجاح الطفل لا ينسب لشخص بعينه بل يتكلل بفضل الجهود المتظافرة لجميع أفراد الأسرة، فالطفل الذي تبصر عيناه سلوكيات إيجابية وهممًا عالية في محيطه الأسري سيشكل ذلك دافعًا له، فأجواء التشجيع والتنافس تبذر عنده روح الإنجاز والنجاح، وينبغي التأكيد على مبدأ التعرف على قدرات ومهارات الطفل حتى يتسنى وضع سقف معين لأهدافه وغاياته بما يتناسب معه.

والإخفاق في مرحلة ما يعده البعض خطوة مخيبة للآمال بل وتعد مؤشرًا مستقبليًا لعدم محالفة النجاح له في نهاية الأمر، وهذه فكرة خاطئة إذا ما جعلنا هذه الخطوة درسًا نستلهم منه الدروس واستكشاف مواطن الخلل والتقصير، فهذه التجارب تعد جزءًا من منظومة النجاح إذ أنها تشكل خبرة تضيء له طريق المستقبل لئلا يقع في خطأ مثله، فعندما نتعرف على قدراتنا ونضع لها درجة معينة من الإنجاز قد نخطئ في التقدير وهذا ما يكشفه لنا الموقف العملي والإخفاق في الوصول إلى الهدف، فالأخذ بيده أثناء ارتكابه لخطأ أو تقصير هو تنبيهه على ذلك وتوجيهه نحو التصحيح، وعندما يخطئ ويعتدي على أحد أفراد الأسرة أو أصدقائه فنحن نقوده نحو التصالح مع ذاته وتحقيق وتثبيت مكانته الاجتماعية، من خلال توجيهه نحو الاعتذار لمن أخطأ في حقه أو قبول اعتذار من أساء له، فروح التسامح إذا كانت سلوكًا وتصرفًا يتعامل به نكون قد أنقذناه من نار الكراهية والأحقاد، والتي تعني فشلًا في الناحية الاجتماعية وانعدامًا للاستقرار والنجاح في علاقاته، وعندما يقصر في مستواه الدراسي فنحن نقوده نحو النجاح والتفوق إن نبهناه على أوجه التقصير عنده كإهمال المذاكرة وحل الواجبات وعدم التركيز والانتباه وقت الحصص، ونقوده نحو النجاح إن ساعدناه على عملية التغيير الإيجابي في سلوكياته وتصرفاته، فيتخلى عن تلك الصفات التي تجعله منبوذًا ومنفّرًا في الوسط الاجتماعي، ونعزز مفهوم النجاح عند أبنائنا إن وجهناه على إكمال كل عمل بيده نحو الإتقان والإنجاز على أكمل وأحسن وجه.



error: المحتوي محمي