أظنّ أن الجواب عند كثير من الشبّان والشابّات هو: أنظر إلى سوق العمل والحاجة لذلك التخصص والدخل الشهري المتوقع، أضف لذلك الرغبة والقدرة الشخصيّة وتوكلنا على الله! أما إذا كنت تريد رأيًا خاصًّا فإليكَ هذه الخلاصة: اختر تخصصًّا يناسب جيل ابنك الصغير ولا تختار ما كان إبّان عهد أبيك!
أنت الآن في عام 2023م في السنوات الثانوية، يعني أنك سوف تكون موجودًا في سوق العمل -بإذن الله- حتى عام 2060م أو نحو ذلك على أقل تقدير. من المرجح أن تتغير كثير من الوظائف في الأربعين سنة القادمة؛ تتطور الماكينة الآلية وأجهزة الحاسوب وتؤدي أعمالًا روتينيّة -ومنظورة- إلى درجةٍ كبيرة. وظائف البشر لن تنتهي ولن تختفي وإنما سوف تتبدل تبعًا لذلك.
سوف يكون ما يسمى في لغتكم، شبّان وشابّات اليوم Game changers في كل نواحي الحياة، لذلك لا تختر تخصصًا جامعيًّا لأنه مرغوب في هذه الفترة -فقط- إنما سوف يستمر في المدى المنظور مثل البرمجة الحركية والميكانيكية والعقول الصناعية والطاقة. أغلب أبناء الجيل الحاضر سيكونون إما كبروا أو توفاهم الله عام 2060م وسوف -دون شك- يضحك ويسخر أبناء المستقبل بعد أربعين أو خمسين سنة من بساطة تقنيات اليوم!
عندما قرأنا أن في العلم “ألفَ باب، يفتح كلّ بابٍ ألفَ باب” أو “ألف حرف، الحَرفُ يفتح ألفَ حرف” كنا نظنها -فقط- كناية عن القدرة والوفرة! وها هي اليوم أصبحت واقعًا؛ كل تقنية ولدت آلافًا من الأفكار والابتكارات. في عام 1987م اشتريت أول حاسوب شخصيّ بعشرة آلاف ريال، من النوع المتطور جدًّا في ذلك الوقت، احتجت إلى صديق يساعدني في حملِه وتركيبه وتشغيله ثم تخلصتُ منه بسرعة لأنه لم ينفع بعد سنةٍ واحدة في أداء بعض المسائل الوظيفية البسيطة جدًّا. أما أول هاتف نقال اشتريته فكان أيضًا بحوالي عشرة آلاف ريال، للاتصال فقط. انظروا اليوم أين أصبحت تقنيات وقدرة الهواتف والحواسيب الشخصيّة!
لكيلا تضيع النصيحة من بين يدي؛ فكر جيدًا في المستقبل قبل أن تختار تخصصًا جامعيًا؛ الآلة والتقنيات الذكيّة والفضاء والطاقة المتجددة وما يعتمد على ذكاء الآلة، أعتقد أنه سيكون حاضرًا في المستقبل من المنزل إلى الشارع والمصنع. ومن يشك في خط التقدم التكنولوجي عليه أن يقرأ جيدًا سرعة تطور العلوم في أقلّ من عشرين سنة خلت!
إذا كان تسارع العلوم والتقنيات في العصر الحاضر يقاس بالأشهر والسنوات سوف يقاس بالساعات وبين ليلٍ وصبح يظهر منتج جديد! والأمل معقود على أن يكون لنا نصيب من هذا التسارع اللا معقول!