تتعالج النفس أحيانًا من ثقل الحزن بالرسم ومزج الألوان وتشكيلها فنيًا في هيئات مختلفة لترسم من جو العتمة أملًا، ومن الحزن سعادة، ومن الضيق اتساعًا، ومن العدم وجودًا.
وهذا ما أكدته لوحة “أثر الفراشة” للفنانة التشكيلية زينب عمر عبد الغفور آل محسن، والتي هي عبارة عن لوحتين متصلتين صيغتا بنهج السريالية وتلونتا بألوان الإكريليك، وكانتا بمنزلة جلسة علاجية لتنفس أكسجين الفن لكل من جاء زائرًا ومعالجًا بالفن بمعرض روازن في نسخته الثالثة بصالة علوي الخباز بالقطيف.
لوحتان لحكاية واحدة
قد يكون هناك حد فاصل يكاد لا يبين في انفصال لوحتي “آل محسن” لكنهما كانا يجسدان معنى واحدًا مرتبطًا كارتباط الرأس بالجسد، حيث قالت صاحبتهما المنحدرة من أم الحمام: “لوحتان ضُمتا معًا لسرد حكاية واحدة اعتصرت فيها مشاعري، حزني وابتساماتي، حيث اخترت فيها كل شيء بدقة لأنها كانت تعني لي الكثير.
وذكرت أن الألوان أشبه بألوان التصحر في قاعها ثم تغدو الألوان مكتسية بلون البهاء في أوجها.
بين ألم وأمل
من رحم الألم يولد الأمل وهذا ما اختصرته لوحة “آل محسن” في إهدائها حيث قالت: “أهديها لكل شخص استطاع في خضم الألم أن يزهر، وينجز، ويبدع ثم يترك أسمى أثرًا كأثر الفراشة الذي حكى عنه محمود درويش بقوله: “أثر الفراشة لا يُرى.. أثر الفراشة لا يزول”.
اختيارات
حين تكون فنانًا فاختياراتك لا تحيد عن الفن الملائم لفنك الذي ترسم فيه رسالتك التي تترجمها اللوحات التي تتزين ببصمتك في الفن وعن خيارات آل محسن في لوحتها قالت: “اخترت زهورًا معينة كالغاردينيا والفريزيا لأن لها دلالات عظيمة لتبوح بما في خاطري وتحكي عن صديقة فقدتها منذ مدة قريبة تركت لي بقايا أوراقها كطبيبة، ولوحاتها كفنانة، وطيبة قلبها أطيافًا متعبة تارة ومبتسمة راضية تارة أخرى، فكان لأثرها أثر الفراشة الذي اخترت له فراش الإمبراطور النادر”.
رسام وكاتب
الفنان لا يرسم فقط بفرشاته بل يخط ويكتب سيناريو وأحداثًا لمشاعر اجتاحت قلبه فسرت في نفثات ألوانه، وقد يلهمه رسمه لتكون لوحته مترجمة كتابة عبر خاطرة من خواطره وهذا ما حدث فعلًا مع “آل محسن” التي حركت قلمها ليؤطر “أثر الفراشة” لصديقتها في خاطرة عن أسرار تلك اللوحة التي كتب قلمها فيها:
بين وجيع الزفرات
زهور الأستر النجمية عانقت الآهات
انحنت الغاردينيا..
كما بدت الفريزيا جاثية
ولما دنت زهور شقائق النعمان
عم حزن البنفسج
وذبلت عيونها النجلاء
حتى سئمت تجابه ذاك الوغى
فسلّمت فرشاتها.. ألوانها
تاركة بالحب
في قلبي نحيطٌ أبدي
وللدنيا
أثر الفراشة
مشاركة ثانية
وعن مشاركتها في روازن قالت “آل محسن”: “سبق لي المشاركة في روازن العام الماضي، وتشرفت هذا العام بأن أتيحت لي الفرصة للمشاركة ثانية في معرض رائع ضم نخبة من فناني المنطقة المبدعين”.
واختتمت حديثها مع «القطيف اليوم» بتوجيه كلمة شكر لكل العاملين بتفاني من فنانين وإعلاميين وكتاب لإبقاء وميض الريشة والقلم والفن الجميل في منطقتنا الحبيبة.
يذكر أن النسخة الثالثة من روازن التي تنظّمها جماعة الفن التشكيلي التابعة لجمعية التنمية الأهلية بالقطيف تقام على صالة علوي الخباز، وتم تمديد المعرض إلى يوم الجمعة 22 شوال 1444هـ حيث يستقبل زواره من الساعة 5:00 إلى الساعة 10:00 مساء.