عندما تقف أمام لوحاتها على جدران معرض “روازن” تتأملها جيدًا، تجدها عالمًا فنيًا يشدك لطفولتك في أحضان الطبيعة، تناغم بهي بين الشخصيات والألوان الفنية داخل كل لوحة، تستهويها الطبيعة بأشكالها فهي المنطلق الأول الذي بدأت منه أعمالها الفنية البورتريه والألوان الزيتية وغيرها.
الرسم الواقعي من أكثر اهتماماتها، فأخذت تبرز فنها عن طريق المرأة ودورها كعضو فعّال في المجتمع الذي جعلته هاجسها لتجسيد جوهر الجمال باللون والفرشاة.
تحدثت ابنة سنابس الفنانة التشكيلية عاتقة عبدالله علي آل داؤود عن مشاركتها في معرض “روازن 3” قائلة: “جعلت تركيزي الأساسي في مشاركتي على تقديم صور متنوعة للمرأة بمراحلها العمرية المختلفة حيث ركّزت فيها على البيئة وجمال الطبيعة وتأثيرها على المرأة، وكأن عالم المرأة يكمن في ذاك الجمال الذي تحمله لوحاتي بألوانها الزاهية”.
ووصفت الفنانة آل داؤود لوحتها الأولى قائلة: “إنها لوحة يسكُنها طفلٌ تضيءُ بملامح عينيه شمعة، يوحي قلبه بالأمل والدفء، تميّزت بانسجام ألوانها وتدرجاتها المتناغمة، هادئة كروح طفل، تم دمج الألوان لتعطي جمالًا بارزًا تنجذب إليه أنظار زائري المعرض”.
وعبّرت عن لوحتها الثانية بِقراءة مختلفة لشخصية أخرى بألوانٍ زاهية لطفلة تمسك بيدها قلمًا وورقة لتعبّر عما تحمله من أمنيات بقصة قصيرة بلمحات وردية فاتنة، ترسمها على ورقتها.
وعن لوحتها الثالثة قالت: “إنها تحتضن صورة فتاة شابة تتأمل من أعماقها، وكأن هذا التأمل يكفيها لتعيش لحظاتها هدوءًا وسلامًا، بنقاء قلب تعيش بداخلها أمنياتها الصغيرة”.
وأوضحت آل داؤود أنها اعتمدت في أعمالها على التوازن اللوني في المساحة واستخدام عدة وسائط لوحية بالتجسيد ووضوح المعالم الفنية ولزيادة المتعة البصرية والفكرية في محتويات اللوحة، كل لوحة تشهد قصة ومشاعر يعيشها الفنان من خلال اللون واللمسات.
وكانت مشاركتها في معرض الأعمال الصغيرة “روازن 3” الذي نظمته جماعة الفن التشكيلي التابع لجمعية التنمية الأهلية بالقطيف في صالة علوي الخباز عبارة عن ثلاث لوحات فنية بمقاسات مختلفة 30×30، 50×50 استخدمت فيها الكانفاس والألوان الزيتية؛ كل لوحة استغرقت أسبوعين من العمل فيها.
الفن رسالة
وترى الفنانة التشكيلية آل داؤود أن الفن في حدّ ذاته رسالة، وأن الفرشاة واللون يتحدثان، منوهة بأنه لكي يكون للعمل هدف لابد أن يحتوي على رسالة تخدم مشاعر وتخيّلات الفنان وتخدم المجتمع؛ ولذلك اعتمدت في تجسيد مشاعرها على اللون والفرشاة.
عالمٌ خاص من الفن
صنعت الفنانة آل داؤود لنفسها عالمًا خاصًا، ولها بصمة تميّزها من خلال رسوماتها التي توحي بالجمال والروعة، وقد برعت في رسم البورتريه، فكانت قوة الإبداع لديها تتأتى من قوة حضوره، وجماله، وجدّيّته، وظهر حبّها وشغفها بالرسم منذ الطفولة، حيث بدأت باللون والفرشاة بأبسط الأدوات للتعبير عن خلجات تدور في ذهنها فكانت مسيرتها في عالم الفن ومشاركاتها في المعارض المحلية تتميّز بجودة التصميم والألوان.
الفن ليس مجرد صورة
وتؤمن الفنانة آل داؤود بأن الفن ليس مجرد صورة لما ينتجه الإنسان في عمله الفني، بل ترى أنه مجموعة من الإبداعات التي تجعل الإنسان أكثر تعبيرًا عن وجوده بمختلف الوسائل والأدوات، وأنه إحساس داخلي وذوق رفيع يدفع الإنسان إلى التعبير عن ذاته بالكلمة الجميلة أو بالصورة الفنية المفعمة بالخيال والأداة التعبيرية حيث إن الخطوط والألوان والظِلال هي الأدوات التي يستوحي من خلالها فنه، ويتوخّى في صوره ولوحاته الدقة والجمال والإيحاء، بما يضفي على لوحته المزيد من الإبداع الفني والصيغ الجميلة.
القطيف في عيون الفنانين
ووصفت القطيف بقولها: “مدينة تزخر بالآثار وتاريخ الكثير من الحضارات لذلك أعتبرها مصدر إلهام كل فنان وشاعر وكاتب يتبناه لتجسيده وتخليده للأجيال القادمة، كل ركن في وطني يترجم قصة وكل حدث تاريخي هو تجسيد وامتداد لفن عريق يستحق أن يزين بأبهى حلة من خلال الفن التشكيلي وغيره من الفنون”.
كلمة ختام وشكر
واختتمت آل داؤود حديثها مع «القطيف اليوم» وقالت: “لن نصل إلى نهاية البحر حتى لو وصلنا إلى أعماقه فالبحر لا نهاية له، كذلك الفن التشكيلي هو فن واسع كلما غرفنا منه نحتاج المزيد، لذلك بالخبرة والممارسة تكتشف أكثر، أقولها من القلب شكرًا معرض “روازن 3″ أنتم الطاقات الإيجابية التي تتيح لنا الاستمرار والمواصلة أكثر، أنتم رمز الخير والبركة، شكرًا بحجم السماء لجميع القائمين والداعمين والمهتمين بالفن التشكيلي”.
الفنانة في سطور
آل داؤود واحدة من أعضاء جماعة الفن التشكيلي بالقطيف وهي خريجة كلية التربية بالأحساء سنة 1419هـ تخصص اقتصاد منزلي عام، مهتمّة بالزراعة المنزلية، حضرت بعض المعارض الفنية في دول الخليج منها؛ الإمارات والبحرين، ولها مشاركات عِدة في فعاليات محلية، نشأت مع عائلة تعددت مجالاتها بين الفن وحياكة النسيج وحرفة الأعمال الفنية، فكلٌّ له هواية وكان الفن التشكيلي مكملًا لهذه الهوايات.
الجدير بالذكر أن النسخة الثالثة من روازن التي تنظّمها جماعة الفن التشكيلي التابعة لجمعية التنمية الأهلية بالقطيف تقام على صالة علوي الخباز وتستقبل زوارها من الساعة 5 إلى الساعة 10 مساء حتى يوم الأربعاء 20 شوال 1444هـ.