ماذا ترون في من يتخطى الصفّ لتفادي الازدحام؟!

أجمل العادات في الزواج والعزاء تجدها عند القطيفيين؛ في العزاء هم حاضرون لبعضِهم بعضًا وفي الأفراح يحضر كل من دُعي وربما أكثر! في هذه المناسبات يطول صف المهنئين والمعزين وتجد الناس كرماء من لا يستطيع الانتظار أو الوقوف يقولون له: تفضل يا عم، لا تنتظر! ويعطون الأولوية لعالم الدين والوجيه.

هل القارئ العزيز والقارئَة العزيزة من الذين يسمحون لغيرهم بتخطي الصف دون عذر؟ أو يتذمرون إذا وجدوا واحدًا أو أكثر من الناس مزاجه عدم الوقوف والانتظار ولا يجد حرجًا في التقدم على غيره!

ظاهرة اجتماعية تتكرر؛ فعندما تقود سيارتك على الطريق السريع – أو غير السريع – والسرعة محدودة بالقانون المروري يدفعك سائق من خلفك ويصرّ أن تبتعد عن مساره ثم تلتقي به بعد ميلٍ أو ميلين، يعني أنه لم يذهب بعيدًا! وإذا تعطل مسار السيارات خرج السائقون عن الصفّ يمينًا ويسارًا وآخر سائق يصبح أول سائق لأنه تخطى الواقفين في انتظار السير!

الكل يرغب أن يكون الأول ويحصل على الجائزة، وأنت تحاسب الخضار يزاحمك شخص ثانٍ وينهي غرضه قبل أن تنتهي، عادي جدًا، أبناء بلد واحد! تعال وانظر ماذا تسبب هذه العادة، الرغبة في الرقم 1 من زحمة ورفع ضغط دم في ساعة الذروة وحوادث في الطريق؛ تشعر وكأن الدنيا انتهت والقيامة قامت!

في بعض المجتمعات تجد الناس يصطفون مثل خرز السبحة ينتهي واحد ويأتي من بعده، لا يبدو عليهم الضجر أو السأم من الانتظار، منشغلون بقراءة شيء ما أو صامتون. وفي بعض المجتمعات يكتفي المهنّئون والمعزون بأقل من المصافحة والتقبيل فلا يضطر أحد للانتظار.

أمران متلازمان وجميلان لو استطعنا الالتزام بهما؛ الرغبة في الانتظام والقدرة على الانتظار ويبدأ تعلم هاتين الصفتين في السنوات الأولى من حياتنا، فإذا استطعنا أن نطوع صغارنا قبل أن يكبروا ونكون لهم قدوة حسنة سوف يلتزم الجيل القادم بهاتين الصفتين وإلا التسلسل اللامتناهي يكون متلازمةً اجتماعيّة لا مفرّ منها!

احترام الطابور أو الصف في المناسبات وفي الشوارع وأماكن التجمع مظهر حضاري يعطي صورةً وانطباعًا رائعًا عن المجتمع الذي يلتزم به وعلى رقي ذوق المجتمع والعكس صحيح أيضًا. أكثر من الذوق والحضارة؛ فيه ثواب من الله حين نبدو كمسلمين مهذبين ونحافظ على ألا ينظر أحد إلينا نظرة دونية حين لا نحترم الذوق العام. هل يوافقني القراء أن النظام والانتظام من حسن الخلق الذي قال عنه صلى الله عليه وآله: “ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق”؟



error: المحتوي محمي