هل نعد أبناءً عباقرة أم يكفينا التفوق؟!

يوم أمس -أو الذي قبله- قرأتُ في أحد المواقع المحلية العنوان التالي: “من بين 7 طلاب موهوبين.. 3 من القطيف يمثلون المملكة في أصعب مسابقة في الكيمياء على مستوى العالم”. ولفتَ انتباهي آلاف ساعات التدريب التي قضاها كل موهوب، بعضهم أكثر من ثلاثة آلاف ساعة!

مبارك لهم -ولكل أبناء الوطن- ولنضع جانبًا الموهبة التي كرمهم الله بها ونسأل: هل كان هؤلاء الثلة سيصلون إلى هذه الدرجات الرفيعة من المعرفة لو اعتمدوا فقط على موهبتهم ولم يقضوا آلاف الساعات في الاستذكار والتحضير؟ أشك شكًّا يقرب من اليقين، ذلك صعب جدًّا! هذه الشعلة ما كانت لتضيء وتصبح وهّاجة لو ناموا وما درسوا وجدوا واجتهدوا.

من ذكريات آخر سنة في شهادة الثانوية العامة، كان عندي صديق أذكى مني كثيرًا في مادة الرياضيات وتفضل علي بالمذاكرة معي مرّة أو أكثر. كنتُ أستغرب كيف يحل المسائل الرياضية حتى قبل أن أفكر فيها! قلت له: يا أخي كيف تعرف كلّ هذا؟ قال: هذه القوانين الرياضية موجودة في الكتاب، تعال وانظر صفحة كذا وكذا تجد فيها قواعد الحل. أخذتُ الأمر بجدّ ووجدت أنه لم يكن عبقريًّا أو ملهمًا إنما يجد ويجتهد!

ينقل عن ألبرت أينشتاين قوله: “العبقرية هي 1‎% موهبة و99‎% عمل جاد”، فكل العباقرة الذين نسمع عنهم ونقرأ عنهم في الصحف والمواقع وينالون الجوائز ولهم الوصول إلى أرقى الجامعات والبعثات هم جادون في حياتهم ويقضون أوقاتًا طويلة في المتابعة والاستذكار مقارنة بالطالب الذي ليس له من الأمرِ شيء!

آتني بطالبٍ أو عامل مجدّ واحد وفشل! وأنا آتيك بمليون عبقري نام وتمشى وارتاح ثم فشل! إذًا المقاربة الصحيحة أن نطلب من أبنائنا وبناتنا الجدّ والاجتهاد وبذل “ساعة” واحدة في الدراسة كلّ يوم، وما زاد كان أفضل بدلًا من إضاعة الوقت والاستغراق في الخمول والكسل. ماذا يشغل الشباب سوى الاهتمام بالمستقبل؟ لا أجد جوابًا شافيًا لدى أي شاب يشغله عن مستقبله شيء أهمّ!

إذا عملوا بجد، يمكنهم أن يحققوا أشياء كبيرة. كل واحد منهم لديه الفرصة ليصبح أفضل مبرمج ورياضي وعالم وكاتب في العالم، إذا واصلوا المضي قدمًا نحو أهدافهم، ولم يستسلموا. حتى لو ولدوا بدون الموهبة، يمكنهم الاقتراب من عباقرة العالم. ثم ماذا لو لو يكن ابني عبقريًّا أو موهوبًا؟ يكفي أن يكون ناجحًا في مقاصد الحياة!

لو قرأ الأعزاء -البنات والأبناء- حكايات حياة الناجحين والمتفوقين في الحياة لعرفوا أن السر الأكبر في النجاح ليس العبقرية أو الحظ، إنما خليط من بارود المثابرة والمتابعة والتوفيق من الله لمن يجد ويجتهد!



error: المحتوي محمي