لم يعلم الكاتب علي محمد عبد الله الصباخ أن مزحة من زميل العمل في كتابة القصص التي تحدث في الإدارة التي يعمل بها في الوزارة ستشعل لديه فكرة يتوجها واقعًا بإصداره الثالث ليكون عنوانه “يوم في الوزارة” والذي جاء على هيئة قصة قصيرة حوتها 111 صفحة كانت تحمل نكهة قصص الخيال العلمي الذي يحبه ليصنَّف الكتاب ضمن قائمة الخيال والغموض.
شرارة
يقتنص بعض الكتّاب أفكارهم من كلمة أو موقف بسيط وروتيني في حياتهم لتكون شرارة تصنع توهجًا ونموًا للفكرة لتخرج في صورة إصدار، وهذا ما حدث للكاتب “الصباخ” في إصداره حيث قال: “إن الفكرة كانت من أحد الزملاء عندما اقترح علي مازحًا أن أكتب عن القصص التي تحدث في الإدارة التي أعمل بها داخل الوزارة، فقلبتُ الفكرة في رأسي، وبسبب حُبي لقصص الخيال العلمي، قررت دمج فكرتين في فكرة واحدة، لجعل القصة أكثر تشويقًا، فالقصة أحداثها واقعية، لكن طابع الزمن فيها جعلها خيالية”.
وذكر أن الكتاب عبارة عن تجربة شخصية بصبغة فكاهية، حاول فيها -قدر المستطاع- أن يتناول الموضوعات في القصة بشفافية وبموضوعية دون أي تحيز.
فكرة القصة
وتحدث “الصباخ” عن قصته حيث ذكر أن أكبر تحدٍ للطالب هو عندما يصل إلى المرحلة الجامعية، حيث الاستقلال والاعتماد على النفس. وأكبر تغير في حياته يكمن في الانتقال إلى بيئة العمل، عندما تُفك قيوده ويخوض معترك هذه الحياة الجديدة داخل البيئة الصاخبة في عالم مليء بالفرص، خاضع إلى قوانين محددة.
فعندها سيدرك الطالب -الذي تحوَّل إلى موظف- أن البقاء للأقوى، ولكي يحافظ على مصدر رزقه يجب أن يُسخِّر خبراته في هذا المجال، وسيكتشف أن الدراسة الحقيقية لم تكن في الجامعة، بل في بيئة العمل.
أحداث داخلية
في بادئ الأمر تبدو القصة أنها تدور حول طالب جامعي على عتبة التخرج ويريد التعرف على بيئة العمل (القطاع العام)، لكن مع تسلسل الأحداث تصبح القصة أعمق من ذلك بكثير، فأحداث القصة تدور كلها في يوم واحد وفي مكان واحد، لكن بطل القصة يمر داخل عدة أزمنة (من 2008 إلى 2019) من ثم يتوقف عند زمن غير معلوم، فيشهد التطور التقني وتغير طباع الناس، ويعيش صراعات داخلية وخارجية أثناء هذه التغيرات السريعة.
ولأن البطل شخص فائق الذكاء، ويتميز بكونه تحليليًا، فيقوم خلال هذه الأحداث بدراسة طباع الناس، فيصبح الأمر دراسة تحليلية للبشر أكثر من أنه خوض تجربة في بيئة العمل.
وذكر الكاتب أن القصة تتطرق لأمور كثيرة في المجتمع السعودي سهلة القراءة وعميقة المعاني.
غلاف
ولأن غلاف أي كتاب هو عين الكاتب الذي تلتقي مع قرائه لتكون بينهما النظرة الأولى والتي إما أن يتولد فيها الإعجاب والانجذاب للشراء أو العكس، فذكر ابن القطيف أن الغلاف له رمزية للأحداث داخل الكتاب حيث مبنى الوزارة والحديقة يربط بينهما جسر، والحديقة تمثل الطبيعة والاسترخاء، لذلك في عملية خروج بطل القصة من المبنى إلى الحديقة تؤثر عليه أجواء الحديقة بطريقة سحرية.
علاقة مع الكتابة وثلاثة إصدرات
وتحدث “الصباخ” عن بدايته مع الكتابة وعلاقته بها، بقوله: “بدأت علاقتي مع القراءة منذ الطفولة عندما زرع والدي -حفظه الله- حب القراءة في قلبي، ومع كثرة الاطلاع والقراءة اكتشفت موهبة الكتابة في سن مبكرة حيث بدأت في عمر 12 سنة في كتابة بعض القصص القصيرة لتتحول إلى قصص أطول مع مرور الوقت”.
وتابع: “تطورت لدي الكتابة وبدأت كتابة الروايات، وكان أول كتاب صدر لي في عام 2019م بعنوان (سيمفونية سبيرز)، وهو عبارة عن رواية بوليسية بطابع روايات أغاثا كريستي، بعدها أصدرت كتابي الثاني (لعبة الزمن) ويحكي عن قدرة الإنسان على السفر إلى عالم الأحلام وكيف أن قرارته وذكرياته عامل مؤثر في رحلته داخل العالم، ومؤخرًا صدر كتابي الثالث (يوم في الوزارة) والذي يصور تجربة طالب جامعي في بيئة العمل. القصة تحمل لمسة خيالية وتصور التوتر الذي يصيب الطالب وهو يعيش تجربة جديدة وكانت كتابتي له عام 2022م”.
وذكر أن لكل كتاب من كتبه الثلاثة تجربة مختلفة كليًا عن الأخرى، وحاول فيهم أن يكون الأسلوب جذابًا بحيث يجر القارئ للقراءة حتى النهاية.
اقتباسات من الكتاب
“ما زال الشاب يُفكر في الإجابة بشكل دقيق عن سؤال رفيقه. كانا يتأملان حركة الأشجار الخفيفة التي تتحرك بفعل الريح، كانت الحركة تُصيب الذهن بالخدر، فتؤثر على عملية التفكير، وكذلك بالنسبة لخرير الماء داخل الحديقة فهو يصنع تأثيرًا كبيرًا أشبه بالتشويش، فلا يصل الإنسان إلى عملية الصفاء الذهني، حتى يتمكن من الإجابة عن مثل هذه الأسئلة المصيرية”.
“كان يضحك على أسئلة الاختبار التي بدت له تافهة، والتي لا ترتقي حتى لمستوى الأطفال، والهدف من تسهيل الأسئلة جمع الحمقى، أو من على وشك أن تنتهي حياته، أو حتى الجثث! بعد كُل هذا القلق والتوتر الذي أحدثه هؤلاء الناس، من يريدون تصعيب الحياة على الموظف الحكومي، انتهت المعركة وكأنها لم تبدأ”.
يُذكر أن الصباخ سيوقع كتاب “يوم في الوزارة ” في حفل توقيعه مساء الجمعة 15 شوال 1444هـ بمكتبة خيال بالقديح.