حياتنا لا تبقى على وتيرة واحدة فهي مثل الموجة صعودًا ونزولًا والاستمرارية في ذلك دليل الحياة، والحد بين أعلى قمة وأدنى قاع هو ما أشارت إليه الآيات (في أحسن تقويم)، (أسفل سافلين)، والتراوح بينهما هو ما يحصل لأكثرنا وفي كلاهما لنا المثال بالمصطفى محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وفي الطرف الآخر إبليس الرجيم عليه لعائن الله، ونحن بما نعمله ونقوم به باقتدائنا نصعد أو ننزل.
والله بهديه وتعريفه لكل من الأمثلة ساعدنا في الطريق الذي نسلكة والذي نتفاداه. وهنالك الحد الأوسط الذي يجعل الموجة تميل إلى الأحسن أو الأسفل حتى يكون الإنسان متغيرًا في اتجاه معين، ولا بأس هنا بضرب مثال صيدلي يستفاد منه في ذلك.
كل 6، 8، 12، 24 ساعة كالكثير يسأل عن الغاية من أخذ بعض الأدوية كل عدد من الساعات وأخرى مع الوجبات، فالأولى الغاية منها رفع التركيز الدوائي إلى أعلى قمة تركيز بحيث لو نزلت لبقيت في المستوى المؤثر دوائيًا، وهذا مشابه أيضًا لما نقوم به في العيادات والتي لها أوقات معيّنة منتظمة فهي تجعلنا في أعلى نقطة من (أحسن تقويم) ولما تنزل تكون في المدى المؤثر إيجابيًا، وأما إذا تكرر الذنب -لا سمح الله- وأيضًا بانتظام فإنه سينزل بالإنسان إلى (أسفل سافلين) ولا يستطيع معه المرء أن يصعد بموجبه مهما بذل من جهود إلا أن يتحول تدريجيًا بأداء العبادات حتى ينتقل من مدى أسفل سافلين إلى مدى أحسن تقويم، والثاني هو ما يفيد في إعطاء جرعة دافعة للأعلى أو مهبطة للأسفل، وهذا ما يأتي في المناسبات من الأفراح والأحزان إن تم استغلالها بما هو نافع للأعلى، أو بما هو ضار للأسفل، وقانا الله وإياكم النزول للأسفل.