كيف ترون لبس السروال القصير “shorts” في المقبرة؟

في هذه الأيام تلاحظ من يلبس السروال القصير في السوق وفي الطريق والأماكن العامة، ومن الأماكن العامة المقبرة فلا بد أن تجد في أحد العصريات شابًّا – أو أكثر – يلبس ذلك النوع من اللباس، في المقبرة التي أقصدها!

رأي شخصي لا يلزم سوى نفسي فأنا أعتبر المقبرة من الأماكن رفيعة الشأن؛ فيها العالم والعارف والمؤمن وغير ذلك من الصالحين ومن غيرهم. وكلهم لا أدخل عليه مجلسه الخاص في ذلك النوع من اللباس أحياءً أم أمواتًا كانوا. وجهة نظر لمن يظن أن المقبرة أرضًا كل ما فيها عظام وجماجم؛ هي أرض لو أنصتَّ عندما تزورها لسمعتها تقول: نحن السابقون وأنتم اللاحقون فاتّعظوا!

الجو معتدل والسروال القصير shorts يجمل في أماكن كثيرة؛ رحلة عائلية، نزهة في البر، حصة رياضة، جلسة مع أصدقاء ليس بيني وبينهم كلفة أو حرج، كل ذلك يصلح. أما في الأماكن العامة التي فيها الرجل الكبير والمرأة فبكل محبة أمنع نفسي منها. الحق يقال بأن في هذا العصر اختفت الحواجز الثقافيّة وتشابهت العادات بين الشرق والغرب، وإن كنتُ أتمنى أنهم – الغربيون – يأخذون من تراثنا ما يصلح لهم، ولا أدري ماذا أخذوا منه، إلا أننا أخذنا من عاداتهم الرديء والوضيع!

تعرفون حينما طلبت وجهة نظر أحد الأصدقاء في هذه المادة تضجر وقال بكل أسف إن بعض الأبناء يصلّون في هذه الملابس؟! ليس حرامًا أو حلالًا، لكن هل تقابل مسؤولًا وأنت في زيّ لا يليق به؟ إذن فلعمري الصلاة هي لقاء مع “المسؤول الأعظم” وليس أحد المسؤولين! يضيف الصديق: لكن إذا كتبت عن هذه الظاهرة فالشباب لا يقرأون هكذا مواضيع! وأنا أقول: ربما أحد الآباء ينقل وجهة النظر إلى ابن أو قريب، فذلك يكفي.

لكل مكان ومقام لباس يليق به، أما المقبرة فهي زيارة وعظة في آنٍ واحد وإليكم بعض الشواهد على حجم هذه العظة:

– مرّ الإمام علي عليه السلام عند رجوعه من صفين وأشرف على القبور بظاهر الكوفة فقال: يا أهل الديار الموحشة، والمحال المقفرة، والقبور المظلمة، يا أهل التربة، يا أهل الغربة، يا أهل الوحدة، يا أهل الوحشة، أنتم لنا فرط سابق، ونحن لكم تبع لاحق، أما الدور فقد سكنت، وأما الأزواج فقد نكحت، وأما الأموال فقد قسمت، هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال: أما لو أُذن لهم في الكلام لأَخبروكم أن “خير الزادِ التقوى”.

– روى عن الحسين بن علي عليه السلام: من دخل المقابر فقال: اللهم رب هذه الأرواح الفانية، والأجساد البالية، والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة، أدخل عليهم روحًا منك وسلامًا مني. كتب الله له بعدد الخلق من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات.



error: المحتوي محمي