رسالة ليست لأحد..
باسم من أبدع الجمال
إليك قارئ هذه الحروف الملتهبة
إليك أبثّ أهةً حرّى، ودمعةً حيرى
وعذرا إذا أقمتُ ذهنك بمثل هذه الهموم الرعاء، ولكن لابد للقلبِ من نبضاتٍ يشكو من خلالها ألمه، وعذابه، وإن عزّ منْ يُشتكى له
فالدهرُ هاجمني بمعاوله الوقاحة، ورياحه الهواء.
وقد هدرت بزورقي أمواجُ الزوابعِ القاهرةِ
فلا أنا في موطنٍ أحنو فيه، ولا أنا ضيفٌ عند أناسٍ يكرمونني.
تاهت بسفيني صحراءُ عمري، فأنا رهين المسافات، حقا لا أقولها مبالغةً. وعندما تسمع مني كلمة” الطريد المعذب”
فهي من أكبر مصاديق حياتي، وآلامي التي تتلهّب في وجداني ومشاعري.
وكما قال نبي الشعراء
بِمَ التعللُ لا أهلٌ ولا وطنُ
ولا نديمٌ ولا كأسنٌ ولا سكنُ
والغريبُ منْ لم يكنْ له حبيب..
وقد سئل فيلسوف:
منْ أطول الناسِ سفرًا؟!
فقال:
“منْ سافر في طلبِ صديق”
وما أقسى أن يعيش الإنسان بين قلوبٍ تقذفه الاتهام، وأخزى لا تودّ رؤيته، وأخرى لا يهمها من أمره شيئ.
لازالت تلاحقني المشانق التي جثتْ على عرشِ الصدر، وهجمت على عتبات الفكر.
فما أجدني.. إلّا أن أرددَ أبيات وصيتي، والتمثيل بكل نبرة جرح كنت قد نسجتها في خرائب الروح، فأشعلتني لهيبا يتناثر على طريق السابلة
أنا مازلت أغني للجراحِ المتعبةْ
فوق ثغري تتلوى آهوٌ مغتربةْ
أنا ومازلتُ وما زال الأسى في خافقيا
صلبَ الحزنُ جفوني وارتوى من دمعتيا
كلما قلتُ سأحيا، وأغني.. للحياةْ
بددت أحلاميَ الولهى رياحٌ ثائراتْ
ولذا عانقتُ دمعي، ومواويلي أنينْ
وملأْتُ الكأس ممزوجًا بآهات السنينْ
كلّما قلتُ سيأتي في غدٍ فجرٌجديد
فإذا بالفجر مذبوحٌ وصلوبُ الوريدْ
الجمعة13/7/1418هج
كتبت قبل ست وعشرين سنة.. تقريبا
ومن المصادقة الجميلة وأنا أقع على هذه الورقة وأكتب حكايتها.. كنت أقرأ كتاب
رسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة
وهي من أدب الرسائل المهمة في العصر الحديث.
كما تستدعي هذه الرسائل تاريخ ادب الرسائل منذ فجره الأول، لاتغيب عن الذاكرة رائد هذا الفن.. وهو أحمد حسن الزيات.. وكذلك رسائل غسان كنفاني
والكثير من المحطات المهمة في هذا الجنس الأدبي الراقي..
كما أحتفظ بالكثير من هذه الرسائل الأدبية الجميلة
وقفز لذهني عنوان ديوان الشاعر صالح الخنيزي
“رسائل بددنها الريح”