هل يصفر العيد المشكلات أم يظهرها؟

من المفترض أن يكون العيد يومًا لتصفير المشكلات الأسريّة والاجتماعية فهل حقًّا هذا ما يحدث؟ نعم يحدث في بعض الحالات ولكن العيد عند كثير منا محطة عتاب ووجد! كيف ولماذا ومتى ولجميع أدوات السؤال لكن دون جواب؟! عفا الله عن المتنبي حين سأل:
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ؟

في العلاقات العاطلة يجني التالون غبّ ما أسس الأولون ويحصد الحاصدون ما يزرعه الزارعون! وعند بعضنا يصبح يوم العيد فرصة للاستثمار في المشكلات الصغيرة وتنميتها وتسمينها من أجل أن تصبح مشكلات حقيقية لا يحلها أكبر عيد!

تصفير المشكلات لا يحتاج إلى عيد، وإنما يحتاج إلى قرار بالسلام الداخليّ والتصالح مع النفس ومن ثم التصالح مع النفس يقود إلى صلح مع الآخرين، وإلا لن تكفينا آية ولا رواية واحدة، بل ولا قرآن كامل يكفي من أجل هدايتنا! يعرف القارئ الكريم والقارئة الكريمة أننا قرأنا القرآن على الأقل مرة واحدة في شهر رمضان وقرأنا الآيات التي تحث وتحض على صلة الرحم ووصل ما انقطع بين الأرحام والأباعد، وقرأنا كمًّا كبيرًا من الآيات التي فيها تحذير ووعيد بعقوبة القطيعة، فما نفع ذلك؟

جاء العيد ويأتي بعده أعياد وكم بين العيد والعيد من تفوته الفرصة ولا تعود ظنًّا منا أن المشكلات تحل بالزمن والانتظار! أما واقع الحياة فعكس ذلك، كل المشكلات الصغيرة تكبر مع الزمن وتمتلئ النفوس بالظنون والشكوك “فإنَّ الشّكوكَ والظّنونَ لواقحُ الفتن”. بعد ذلك يموت فلان ويرث تركته ابنه علان، ويا ليتها تكون تركة الذهب والمال والعقار، لكن التركة هي قطيعة وعداوة بائسة وتعيسة!

إن في المقابر عبرة لمن يخشى ويعتبر! كم من قبرٍ أبى صاحبه أن يتصالح ويَتسالم مع الآخر في الدنيا، وإذا القبران متجاوران للأبد! أليس هذا فلان الذي لم يعرف فلانًا؟ ها هو اليوم جاره أبى أم قبل! وهذه ليست فرضية أو نسجًا من الخيال، إنما حقيقة لا تقبل النقض تجاور الأعداء والمختلفين في المقابر!

يوم عيد الفطر حرام فيه الصوم عن الأكل والشرب فمن الأجدى أن نصوم ولا نفطر على العتاب والجدال واستذكار ما نسيناه ومحاه الله من ذاكرتنا؛ أنتَ قلتَ وأنا قلت، أنتَ فعلتَ وأنا فعلت وجرت مياه كثيرة على تلك الأقوال والأفعال فما يجدي العتاب.

من مستحبات أفعال يوم العيد غسل البدن، إذن فلنجعل أيضًا من يوم العيد غسلًا واجبًا للقلوب. إن المستحبات يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها أما اتساخ القلوب فهي خطيئة قد يكون من الواجب غسلها ويأثم من لا يغتسل منها! هل تصدقون أننا قرأنا من مستحبات شهر رمضان قراءة دعاء “مكارم الأخلاق ومرضيّ الأفعال” للإمام زين العابدين -عليه السلام- ساعات قليلة قبل يوم العيد؟ ماذا فيه؟



error: المحتوي محمي