منافسات كثيرة ندخلها في حياتنا دون أن نعلم أننا أقحمنا أنفسنا فيها، ففي الدراسة قد لا يُرضينا درجة الـ13 أو الـ14 حتى لو كانت مع ربع أو نصف الدرجة خاصة إذا كان هناك من أقراننا من أحرز الـ15 كاملة دون جبر.
شعور الدرجة الكاملة شعور جميل من يتعود عليه صعب عليه أن يتعود النزول عنه، وربما هذا نجده أكثر لدى الفتيات لهذا لو ألقينا نظرة على من يهتم بدرجاته فتلقى بنات حواء قد تنقلب الدنيا لديهن مناحة فقط لنقصان درجة واحدة، بينما أولاد آدم فالدرجات قد تكون آخر همهم فالمهم الانتقال للمرحلة القادمة دون رسوب مهما كانت الدرجة، والمسألة نسبية وتختلف بالطبع وربما تكون المعادلة مقلوبة.
لكن أعود وأقول بأن شعور الدرجة الكاملة لا يستشعره صاحبه فقط بل حتى أهله ينالهم من الفرح من شعور الحصول عليها، لكن بالطبع بعض الدرجات لا تستدعي المبالغة بالاهتمام بالحصول عليها لدرجة أن تكون الدرجة على حساب الفهم، فهناك من ينالون الدرجات الكاملة ولكن بالغش وليس بالفهم فما الفائدة؟ فهل سيشعر بها مثل من تعب في السهر للحصول عليها؟
أحترم جدًا من يسهر ويجتهد ليصنع له مستقبلًا بنفسه، لا بمساعده أمه أو أي أحد مثل الحاصل في هذه السنين، حيث دخلت الأمهات ساحات الدراسة والاختبار نيابة عن أبنائهن، كل ذلك حرصًا على عدم فقدان الدرجات، ولا أعلم كيف للطالب تعلم شعور العلامة الكاملة إذا كانت تأتيه بالنيابة، وبالطبع حين تتعود وضع الراحة فصعب الخروج من هذا الوضع.
كل المتميّزين خرجوا من وضع الراحة ليستطيعوا نيل الممتاز مع مرتبة الشرف أو ليدخلوا منافسات ينالون فيها المراكز الأولى ويتفوقون على أنفسهم قبل أي أحد.
ونحن بشهر رمضان نعيش منافسة تبدأ تحضيراتها من شهر رجب لتكون محطة النهائيات في ليلة القدر الكبرى.
فمن تهيأ من شهرين يختلف عن من للتو دخل المنافسة والتي يكون مجالها القرب من الرب الرحيم ليتم تسجيل الأقدار والأرزاق بليلة أقرب ما تسمى بليلة الهدايا وتحقيق الأماني.
جميل أن نحصل على المركز الأول في الدراسة أو العمل أو في شغفنا أو المسابقات، لكن الأجمل من كل ذلك أن نحرز المركز الأول بليلة القدر ويومها، حيث نفوز على أنفسنا بإحياء ليلها ونهارها ليكون مختلفًا نوعًا وكمًّا في التنويع بين العلم والعبادة، فلا نفع من عبادة لا علم فيها، ولا نفع بعلم لا عمل فيه.
وهناك مراكز أولى لكل شيء وعلينا أن نسأل أنفسنا ماذا سأرشح لنفسي منها لأنالها في ليلة القدر باستحقاق؟ أم لا مكان لي في المراكز الأولى؟
وبالطبع نحن لا ننالها باستحقاق ولكن بفضل ومدد ولا مدد نستعين فيه في ليالي القدر إلا مدد بمن تُعرض عليه أعمالنا وهو من يُقيّمها ولا نعلم أنحظى برسم بسمة على شفاهه لحسن أعمالنا أم دمعة من عينه على سوئها.
ومع هذا بيوم الثالث والعشرين بعد ليلة تزاحمت فيها الأصوات والعبرات لتطرق أبواب السماء، مازلت أسأل هل أنا في سُفرة من المراكز الأولى فيك أم في سَفرة عنها؟