ونعمت «الأنا» ما نراه من بعض شبّاننا وشابّاتنا هذه الأيام!

لا يكاد يمر يوم إلا وتطالعنَا المواقع المحليّة بقائمة إنجازات رائعة من شبّان وشابّات من حولنا. في هذه الخاطرة رغبتُ أن أعبر عن الغبطة بهم وأشيد بالعزيمة و”الأنا” التي عندهم جميعًا، وأشكر الماكينة من ورائهم؛ أمهات وآباء ومدارس ومؤسسات رسميّة، لولا هذه الماكينة التي تعمل في الظلّ لما حصل ما يحصل. نحن نرى المنتج النهائي ونغفل عن المصنع الذي خلّف المنتج! هذه الأنا والإصرار والمثابرة نراها واضحة هذه الأيام في الأمور التالية:

– جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك!
– اللهم اجعلني من أحسنِ عبيدكَ نصيبًا عندك، وأقربهم منزلةً منك، وأخصهم زلفى لديك!
– أفضل الصفوف الأولى من صلاة الجماعة!

التميّز في العلم الدنيوي والحصول عليه حتى نزاحم الأمم على المراكز الأولى ونحصد الدرجات الرفيعة من أجل أن نبني أنفسنا وأوطاننا! لماذا يكون غيري أعلم مني؟ لماذا ليس أنا أو ابني أو واحد من أهلي أو واحد من وطني! هذه الأنا من دواعي السرور! نقرأ عن بعضهم أنه نال مراتب متقدمة في الدراسة النظامية، هذا مما يسر ويفرح!

في شهر رمضان رأينا شبّانًا صغارًا في السنّ – من القطيف وما حولها من بلدات – حصلوا على مراتب عالية في تلاوة وحفظ القرآن، هذا يسرنا! في المساجد أيضًا، وإن كان الناس والشبان يصلون جماعةً طوال السنة إلا أنه في شهر رمضان وعلى الخصوص في ليالي القدر ترى الشبان يتزاحمون على الصفوف الأولى، هذا مما يسرّ وما هو إلا أنانية محبوبة! لماذا أترك الصف الأول لغيري؟ لماذا غيري يكون أقرب إلى الله مني؟

زبدة الكلام هي: إذا كانت الأنانيّة هي الاهتمام بالنفس على حساب الغير وتجاهل حاجات الآخرين فذلك شأن مذموم، أما إذا كانت منافسة الآخرين والتقدم عليهم بجودة العمل والتميز، فذلك ليس من الأنانية في شيء! “فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ”؛ حياة الإنسان كلها سباق على الأنا في الخير والمجد والرفعة.

فإذا استطعت أيها الشابّ والشابة أن تكون الأول في الدراسة والعلوم فلا يسبقك أحد، أن تحضر إلى المسجد قبل أن يسبقك أحد فذلك من الأنا المطلوبة. {وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}! أليس طلب العلم والتطور مما يتنافس فيه؟ ماذا عن الآخرة؟ أليست مما يتنافس فيه أيضًا؟!

أما الآباء والأمّهات فنقول لهم: جزيتم خيرًا! في هذه الآونة، من يستطيع أن يركب في سفينة ويُركب أهله معه وينجو من السيل المغرق فليحمد الله. أنتم تبنونَ والزمان يهدم، تصلحونَ والزمان يخرب، ومع كل هذا العناد تكون لكم اليد الطولى والعظمى فطوبى لكم!



error: المحتوي محمي