القلب هو المسؤول عن التوجيه الصحيح للإنسان والعقل هو المشتت الأول لطاقة القلب، لذلك لا بد من تهدئة الأفكار والتحفيز الإيجابي منها والسيطرة على السلبي، ولن نحصل على هذا إلا بواسطة راحة الجسد بالاسترخاء أو التأمل وعيش اللحظة أو التنفس مثلا، من القلب تبدأ رحلة التشافي، رحلة العودة للداخل، للاتزان، للفطرة، رحلة إلى الارتقاء.
وبعد القلب تأتي الأفكار والمعتقدات وصولًا للجسد، هذه السلسلة العظيمة المترابطة ببعضها البعض عندما يفهمها الإنسان ويسعى إلى أن تكون سليمة كل واحدة ترتقي بعمل الأخرى، سيصل للوحدة في النفس، وهي التناغم المتزن على مستويات الوعي الروحي والفكري والعاطفي والجسدي، يتوافق الشعور مع الأفكار مع الأعمال، ظاهر الإنسان مع باطنه، توافق يصل إلى الخلو من جميع أنواع النفاق والأمراض الروحية والقلبية، تتوافق الفكرة مع الشعور مع العمل، ولأن للقلب هذا الموقع والدور نرى القرآن يحمّله المسؤولية ولذلك يقول: {لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}.
وبما أن القلب هو الموجه فهو أول من يجب أن نبدأ به في رحلة التشافي للارتقاء، {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، من هو القلب السليم؟ هو القلب الخالي من الأمراض المتزن مشاعريًا تجاه الله وتجاه نفسه والناس، قلب حي بالفطرة التي وضعها الله داخله، قال الإمام الصادق (ع) عن القلب: “إن منزلة القلب من الجسد بمنزلة الإمام من الناس فكما الإمام يقود الناس ويوجههم كذلك القلب يقود الجسد وكيان الإنسان”. وقد أشار رسول الله (ص) إلى الأثر الذي يتركه القلب إن هو صلح أو فسد فقال: “إذا طاب قلب الإنسان طاب جسده، وإن خبث القلب خبث الجسد”.