مناشدة إنسانية حيال السرعة المتهورة

نسأل الله العلي القدير في هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان العظيم، السلامة للجميع والصحة والعافية وطول العمر، وأدعو الله سبحانه وتعالى، بأن كل ما يطرح على المستوى الاجتماعي والإنساني من عمل فهو خير للجميع وهو للتصحيح أولًا وللاستفادة وأخذ العبرة ثانيًا بعون الله تعالى وتوفيقه.

الجميع منا للأسف الشديد يتفاجأ بين فترة وأخرى بخبر مؤلم جراء الحوادث المرورية المأساوية، إما بإصابات دامية، أو إعاقات جسدية بالغة الخطورة، أو فقد للأرواح، تكون مسبباتها السرعة المتهورة أو استخدام الجوال أثناء القيادة، مما يحدث عنه عدم التركيز وتشتت في الأفكار وعدم الانتباه مما يؤدي حتماً إلى الخروج من المسار والاصطدام بالمركبات والأرصفة، وإلى انحراف عجلة القيادة وتعرض الآخرين للخطر بما فيهم المارة الأمنون.

إن قيادة السيارة مسؤولية كبيرة، فيجب على كل سائق أن يحترم قوانين المرور ويكون متعاوناً وسمحاً، ولا يكون لا سمح الله شخصاً متهوراً أثناء قيادته للسيارة، مما قد يؤذي نفسه ويعرّض حياته وحياة الآخرين للخطر.

السائق المتهاون والمتجاهل للأنظمة، والذي يقود سيارته متجاوزاً السرعة المحددة والمسموح بها في الطرقات سواء الطرقات السريعة أو الطرقات داخل المدن والأحياء السكنية أو أماكن النزهة والترفيه، الكورنيش أو المواقع الأخرى المكتظة بالسكان والمارة والمتنزهين والسواح، مثل هذا السائق هو شخص لا يحمل في ضميره ذرة من الإنسانية ولا يملك اي رادع ولا يشعر بأي مسؤولية تجاه تصرفاته، وهو من النوع الذي لا يؤنبه الضمير في تداعيات أفعاله وعواقب سلوكياته أثناء قيادته للمركبة أو الدراجة.

مما يئن له القلب ويقشعر له الجسد، وهو بمثابة الطارئ الدخيل على مجتمعنا للأسف الشديد، مجتمع تسوده الألفة والتسامح، هروب السائق من مكان الحادث، وهو نادر ما يحصل ولله الحمد، مما ينتج عن ذلك الهروب من مسؤولية شرعية وقانونية، يعاقب عليها من يرتكب ذلك الجرم بأشد العقوبة تبعاً لمقتضيات ما تسبب به، فإن عواقب الهروب كبيرة للغاية، أمام الله سبحانه وتعالى، ثم أمام الإنسانية والمجتمع وحقوق الغير بشكل عام، فقد يتسبب من جراء ذلك الفعل الشّين، في ارتفاع المخاطر للضحايا وقد يؤدي إلى تفاقم الإصابات أو الوفاة، في الوقت الذي يتحتم على السائق المسبب للحادث ألا يتأخر في تقديم المساعدة إلى الضحايا وهو واجب ديني وإنساني وأخلاقي، عندها يكون في الوضع السليم ولا يترك ما يدينه أو يعرضه للمساءلة القانونية الشديدة، ومما يؤكد، حال هروبه، يكون وضعه صعبًا للغاية، ثم وقوعه في يد العدالة أصعب بكثير، وهو ليس على الله بعسير.

إن دور الأسرة، والمدرسة، والإعلام، والمنتديات الثقافية، والمؤسسات التطوعية والخيرية جميعها مسؤولة ولا تقل أهمية عما يبذل من توعية مرورية مستدامة تقوم بها الجهات الحكومية المختصة مشكورة، وإن دور المجتمع بجميع فئاته وثقافته وهو المأمول، الدراسة والتفكر حيال القيادة المتهورة وتصحيح كل ما من شأنه خطر على الأرواح والممتلكات ومن أجل الحفاظ على كل ما بني وأسس في هذه الحياة بعد تعب وشقاء وعلى كل ما هو موجود مفرح وجميل.

وفي الختام، نأمل من الجميع من آباء وأمهات وجهات الأخذ في عين الاعتبار ما يطرح عبر الوسائل الإعلامية من مشاركات اجتماعية وإنسانية، فيها من الحرص على سلامة الأرواح والممتلكات، وبروح المواطنة المخلصة والتي منها المشاركة بوضع الحلول المناسبة للحد من أي حوادث مرورية مأساوية، وإن طريق الرياض بجزيرة تاروت من محافظة القطيف من بداية الجسر حتى تقاطع مبنى البلدية وإلى امتداد شارع حجر بن عدي، لمثال وأن يكون جديرًا بالاهتمام، حيث كثرة الحوادث المرورية الصعبة، وذلك بالمعالجة بوضع كاميرات ساهر لرصد من يتجاوز السرعة المحددة وما تحتاجه بعض الشوارع الرئيسية والفرعية والأماكن العامة مثل الكورنيش والسواحل البحرية والمتنزهات، والبلديات والمرور بالعمل لتخفيف السرعة ووضع اللوحات التحذيرية وإشارات العبور للمشاة وغيرها من الحلول التصحيحية المرورية، الناجحة والتي هي في خططها وأولوياتها والمستمر العمل بها.

هذا وعلى أمل الأخذ بالدروس والعبر وأن تعم الفائدة المرجوة ولا تتكرر مثل تلك الحوادث، سألين المولى عز وجل أن يحمي الجميع من كل شر ومكروه ويهدي الجميع لما فيه الخير والصلاح لدينهم ومجتمعهم ووطنهم، وأن تراجع كل نفس ضميرها وتكون على قدر المسؤولية، الدينية والاجتماعية والإنسانية والوطنية، حتى يعيش الجميع بأمن وطمأنينة وسلام.



error: المحتوي محمي