وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى

لا يُنكر أحد الفرق بين الذكر والأنثى مهما سعى الكثير لرفع شعار المساواة بينهما، لكن يبقى الرجل يستطيع أداء مهمات لا تستطيعها المرأة وربما هي تستطيعها لكنها ليست لائقة بطبيعتها وأنوثتها.

في زماننا الحالي وفي ظل إتاحة كل الميادين لتدخلها المرأة دون قيود، وحتى دون أن ترافقها امرأة أخرى من نفس جنسها في مكانها، لتحمل سمة المرأة الوحيدة بين مجتمع رجالي بحت، أقول المرأة حين تريد المنافسة فهي تنظر للفوز فيها مهما كلفها من ضرائب تنال ربما من صحتها ووقتها مع عائلتها فيظهر التقصير أمام بعض واجباتها الاجتماعية والعائلية.

في النتيجة المرأة قادرة على الفوز بالمنافسة في أي مجال تدخله لتفقأ عين كل من استنقص من إمكاناتها فلديها قدرة على أداء أكثر من مهمة في وقت واحد بعكس الرجل.

ولكن هناك بعض المهمات لا تستحق المغامرة بمكانة المرأة ورونقها الذي حفظها لها الإسلام لتكون معززة ومكرمة في مملكتها بعيدًا عن مجتمعات الرجال وأعلم أن البعض دفعته الحاجة لذلك، ولكن هناك من لا حاجة له إلا حرصًا على منصب.

وبعيدًا عن هذا الأمر لدي عتاب على بنات حواء فقد مررت بكذا تجربة كانت المسؤولة فيها من العنصر النسائي ولكن لا أعلم لماذا المرأة لا تسهل على المرأة التي هي من بني جنسها، لكن الغريب -ولا أعمم طبعًا- أن بعض النساء حين تكون لهم كلمة أو توقيع لا يتم الأمر على يديها بسهولة وهناك تعقيدات يتوجب عليك عملها أو الرجوع لإعادتها والدفع عليها أيضًا وتقولها لك بلسان قاطع وبكل دم بارد وتغلق في وجهك الباب كناية عن كونه لا تغيير في الكلام، وحدث لي شخصيًا مثلها.

ولحصول بعض التجارب الشبيهة والتي وجدت أن لدى آدم غالبًا الحكم الفصل فكنت أطلب محادثة مسؤول من الرجال وفعلًا لدى الرجال الحل والعقد وينتهي الأمر بسلام.

نحن حتى في حياتنا العادية حين نلقي نظرة مثلًا على خدمة موجهة لقسم الرجال ولقسم النساء كالنوادي الرياضية نرى فرقًا شاسعًا في الأسعار وربما خدمات الرجال تكون أكثر وأقل سعرًا، أما قسم النساء فهو الأكثر غلاء دومًا، ولا تلم الاستفهامات الكثيرة التي سترتسم فوق رأسك حين ترى بعض الأسعار الخيالية مع العلم بأن النساء ليسوا مثل الرجال في انضباطهم بالنوادي، فالبعض منهن تذهب لتلتقط صورة سنابية وتكتفي بالقليل من التمرين مع الكثير من الغياب.

لماذا يحدث العكس؛ المرأة يخدمها الرجل أفضل من مرأة مثلها، والرجل تخدمه المرأة أفضل من رجل مثله.

بعض الرجال يبدؤون بخدمة النساء أولًا كشهامة وغيرة حتى لا يطول وقوفهنّ وحتى إنه كان سابقًا -لأني لا أجده حاليًا إلا نادرًا- من يتنازل عن دوره ليتم خدمة النساء أولًا.

وبعض النساء تقدم الرجال أحيانًا حتى تتخلص منهم، وهذا ما شعرته في إحدى المرات حيث كنا في إحدى الفعاليات وكنت بصحبة صديقتي ومعها ابنتها التي أصرت على رغبتها في التاوة الذي يلقى ازدحامًا بالفعاليات، فاخترنا امرأة كانت تملك أكثر من صاجة تعمل عليها لسرعة تقديم الطلبات وكانت هناك من تساعدها في تسجيل طلبات الزبائن، ولكن استغربت أننا ومع تسجيل الأسماء تم تقديم عدد من الزبائن الرجال على عدد من النساء، ولكن في نفس الوقت الذي تضايقت فيه لأننا أهدرنا الكثير من الوقت في الانتظار إلا أنني عذرتها حين شعرت أنها تريد خدمتهم لتستطيع العمل بحرية أكثر خاصة أن عملها في مكان عام وبالعباءة لا يضمن عدم اتساخها بالعجين.

أعود وأقول: كما ذكرت الآية “وليس الذكر كالأنثى” والتي تحتاج تأملًا وتدبرًا حقيقة بتقديمها الذكر على الأنثى ضمن كلام يتحدث عن الأنثى وعن أن أم مريم العذراء (ع) كانت قد نذرت جنينها لخدمة بيت المقدس لكنها أنجبت أنثى وليس ذكرًا والذي يناسب خدمة بيت المقدس وأدع لكم البحث فيه.

فرب أنثى تقوم مقام عشرة من الذكور، خاصة في زمن أرخى الرجل الحمل عن مسؤولياته وأضاف مسؤوليات إضافية على عاتق المرأة لتقوم هي بجلّ المسؤوليات في العائلة فهي التي تدرس وتربي وتطبخ وتُصلح ما عطب وتشتري الناقص خاصة إذا كانت تملك السيارة والوظيفة التي تُمكنها من الإنفاق على كل ذلك.

وإن كنا نتحدث عن امرأة لا تقوم مقام عشرة من الرجال فقط بل أكثر بكثير، فأنا لا أتخطى مولاتي زينب (ع) التي حملت مسؤوليات عظيمة منذ صغر سنها، فهي من عمر الخامسة باستشهاد أمها الزهراء (ع) كانت الحضن الحنون لأبيها ولإخوتها، ومع كل مصيبة كانت تنالها كانت تحمل مسؤولية أكبر، إلى أن انتهت بالمصيبة العظمى بعاشوراء فحملت المصاب كله حتى قيل إن مصائب عاشوراء لو نزلت على جبل لهدمته لكن زينب كانت صامدة وقابلته بالصبر الجميل، ورعت أيتام ما كان يستطيع أحد رعايتهم وحده، لكنها حملت عبء الكفالة بعد أخيها.

هي من حملت رسالة إعلام زينبي لولاه نحن لم نعلم اليوم ما جرى في عاشوراء وضاع دم الحسين هدرًا.

ونحن في شهر الصيام الذي يعلمنا كيف الصبر حري بنا أن نلتمس شيئًا من صبر هذه السيدة العظيمة التي يحق أن يقال فيها: وليس الذكر كأنثى مثلها.

وفي يومك السابع عشر يا شهر الله حيث نقترب من دخول زينب مرحلة صبر جديدة بفقد من علمها الصبر العظيم، لا زلت أسألك هل أنا في سُفرة من الصبر فيك، أم في سَفرة عنه؟



error: المحتوي محمي