وجوه في «حرفيون 2».. من التوبي.. بعد أن تنازلت عن وظيفتها لترعى ابن زوجها.. نادية الشيخ تختتم مشوار الأمومة بـ تركيب العطور

في الكيمياء وحتى في الطبخ عند تركيب مادة مع مادة أخرى يحتاج إتقانًا باختيار النوعية والكمية الموزونة لتخرج مادة جديدة متناسقة بالطعم والرائحة والملمس وحتى المنظر، لكن نادية عبد الله أحمد الشيخ استخدمت الاثنين حيث لم تستخدم ذلك في مطبخها الرمضاني فقط بل استطاعت أن تكوّن تركيبات عديدة للعطور جاءت بعد دراسة وسفر لعدة دول لتضع بصمتها بتركيبات خاصة بها جذبت بروائحها الزكية والثابتة رواد مهرجان “حرفيون 2” بحديقة الناصرة.

بداية برعاية يتيم
حين تستغني عن عملك لأجل رعاية يتيم للتو فقد أمه فالتوفيق سيفتح أبوابه معك، وهذا ما حصل لابنة التوبي نادية التي كانت موظفة إدارية بأحد المستشفيات الخاصة لأكثر من ست سنوات، وفضلت الاستغناء عن وظيفتها تلبية لرغبة زوجها الذي أراد أن ترعى طفله ذا السنة وثمانية أشهر ولا تنشغل بالوظيفة، وحين كبر وتربى ابنه على يديها والذي يدرس الآن على مقاعد الجامعة بجدة، رأى زوجها أنها متعودة على الحركة والعمل وتحب العطور والبخور فعمل على السفر معها لتتعلم وتتطور فيها وتكتسب حرفة تميزها.

وذكرت أنها في البداية قامت بالمتاجرة في شراء العطور الصغيرة من الماركات العالمية، إلا أنها أحبت أن تطور الأمر وتخوض تجربة تركيب العطور والبخور بنفسها حيث قالت: بدايتي كانت منذ 14سنة حيث استهوتني صناعة العطور وأحببت أن أقوم بهذه التجربة والخوض فيها.

منتجات عديدة بدون اسم!
وحين تزور ركن نادية فمن الصعب ألا تجذبك رائحة من منتجات مشروعها التي هي عبارة عن تركيبات عطور شرقية وغربية وتركيبات خاصة بها، وكذلك خلطات البخور ومكوناته من الدقه والظفر ومسك الحجر ومسقى اللبان بجميع النكهات وأيضًا الكريمات الخاصة بالجسم والشعر والفواحات المنزلية.

وتُحير نادية زبائنها حيث إنها تعجز عن وضع أسماء لكل عطورها لكثرة منتجاتها وتكتفي بوضع اسم مشروعها “بازار آيلاند” فيها وما يميزه هي العلبة، ولا بد أن يستعينوا بها لمعرفته، ولأنها تنتج الجديد باستمرار وقليلًا ما تُعيد نفس العطر بدون تجديد وتطوير، فمن ابتاع منها سابقًا من سنوات ويأتي لأخذ نفس المنتج تخبره أن هناك ما هو أحدث منه، لكن لديها منتجات باقية لم تتغير لكثرة الطلب عليها وقالت عن ذلك: في بدايتي كنت أضع أسماء لكني أصبحت أنساها من كثرتها، لأن تفكيري دائمًا مشغول بعمل الجديد لأنفذه.

وانشغالها في عمل الخلطات والتركيبات أبعدها حتى عن وضع منتجاتها في حساب متجرها بالإنستغرام فتقول إن حسابها لا يحوي كل منتجاتها لأنه ليس لديها وقت لوضعها أو تصويرها لأنها تعمل وحدها حيث لم تُرزق بذرية وليس لديها عاملة تعاونها، ولا تستطيع مجاراة الطلبات التي تأتيها لتوزيعات الزواج والمناسبات القرقيعان وشهر رمضان، وذكرت أن لديها زبائنًا لا يشترون البخور أو عطور أطفالهم إلا منها، ومنهم من يغيب ليجرب غيرها لكنه يرجع لعطورها ومنتجاتها.

وأضافت أن بعض زبائنها يشبهون عطورها بإحدى الماركات المعروفة لإنتاج العطور لكنها واقعًا لا تعرفه ولم تتعامل معه لكنها تركيباتها الخاصة.

مصنع منزلي
حين تريد النجاح فلا يهم المكان الذي تصنع فيه نجاحك فقد يكون ممرًا مقفلًا في بيتك الصغير هو يحوي خلطات نجاحك الكبير مثلما فعلت نادية التي جعلت ممر بيتها هو مصنع نجاحها، وغرفة الجلوس لديها هو محلها الذي تبيع فيه الناس أزكى الروائح التي سافرت وتكلفت لتتعلم كيفية تركيبها لترضي زبائنها.

وتقول نادية إن مشروعها مشروع كبير ويحتاج يدًا عاملة لكن زوجها يخشى عليها أن يأخذوا منها سر المهنة ويغادروها، ولكنه يساعدها كثيرًا ويتعب معها حسب تعبيرها في جلب العلب الخاصة والسفر معها لأي مكان لتعلم كل جديد وجلب الزيوت العطرية وغيرها مثل تركيا أو عمان أو الكويت وغيرها.

وأنتجت نادية خلال 14 عامًا عشرات الخلطات من العطور والبخور والخمريات.

دراسة سر الرائحة
وذكرت أن شغفها بتعلم سر الرائحة جعلها تدفع أكثر فقط لتتعلم رائحة جديدة فبعض الروائح تعلمتها من إحدى الزنوج من مسقط.

ومن ضمن سفريات الدراسة التي التحقت فيها بدورات لتطور مشروعها في داخل المملكة وخارجها ذكرت نادية أنها درست إحدى المرات في الكويت لدى خبير في العطور وهو الذي علمها كيفية اكتشاف الزيت أو البخور المغشوش، وكادت في أحد المرات أن تقع فريسة للغش حيث كانت تريد بخورًا طبيعيًا 100‎% لكن بفضل دراستها اكتشفت أن ما كادت تشتريه هو مجرد خشبة بسعر 6000 ريال!

وذكرت أن بعض الزيوت كانت في البداية يصيبها السواد بعد فترة، واكتشفت لاحقًا سبب فسادها لأن البعض يزيد الزيت بالجلسرين لأن الجلسرين أقل سعرًا حتى يكثره، وحين يستخدم في العطر يفسد بعد قرابة الشهر.

عطور طبيعية وثابتة
وتحاول نادية اختيار ما هو ذو جودة لزبائنها وهذا ما يكلفها الكثير فلا تختار إلا الكحول المرخص والزيوت الأصلية وتستخدم الزيوت الأحادية وليست المركبة وتُدخل عليها ما هو طبيعي، وجميع عطورها ثابتة وبعضها يبقى لأربعة أيام.

وتحاول الآن دراسة تركيب عطور الأطفال ولكن بدون كحول حتى يخدم من يعاني من صدره وذكرت أن ما يعوقها أنها تحتاج مواد تُجلب من أمريكا لم تستطع جلبها.

وذكرت أن كثيرًا من العطور عليها إقبال ولكن عطور الأطفال عليها إقبال أكبر، وبعضها يعتمد الإقبال عليها سواء العطور أو البخور حسب المناسبات.

مشاركات
ووصلت منتجات نادية لعدة مناطق مثل الباحة وعمان والرياض وتبوك ووادي الدواسر ولديها زبائن يحضرون مشاركاتها في المهرجانات التي تنوعت حين شاركت فيها ومنها صنعتي الذي يقام في معارض الظهران الدولي على مدى خمس سنوات على التوالي، ومهرجانات وزارة المياه والزراعة، والمهرجانات التابعة لجمعية القطيف الخيرية، وجمعية العطاء ومركز التنمية بالقطيف، إضافة لكثير من المهرجانات التابعة لأمانة الدمام وبلدية محافظة القطيف وغيرها.

كلمة
ووجهت كلمة لمن أراد الدخول لحرفة تركيب العطور وقالت إن الأمر الأساسي هو وجود الهواية والرغبة في إنتاج العطور وتنميتها بأخذ دورات خاصة بالعطور من أسماء ومراكز معروفة إضافة للتحلي بالصبر وأن يقوم بشراء الخامات الأصلية وإن كانت مكلفة، فهي شخصيًا تقوم بشراء الخامات الأصلية من المحلات الموثوق بها وأيضًا تستورد بعضها من خارج المملكة.

وختمت بتوجيه شكرها الجزيل لزوجها بالدرجة الأولى الذي كان شريكًا لنجاح مشروعها، ثم لأبنائه وأهلها الذين ساعدوا في التسويق لمشروعها الذي وثقوا في جودته.

يُذكر أن مشاركة نادية في فعالية “حرفيون 2” والتي ينظّمها مكتب الضمان الاجتماعي بمحافظة القطيف، بالشراكة مع بلدية المحافظة، وجمعية التنمية الأهلية بالمحافظة، في حديقة الناصرة بمحافظة القطيف، والتي انطلقت يوم الأحد 4 رمضان 1444 هـ، وتستمر على مدى 10 أيام.




error: المحتوي محمي