كيمياء الحياة «10»

الهجمة المرتدة
الكل منا يعرف كرة القدم ويعرف فيها الهجمة المرتدة والتي يكون فيها فريق ما في موقف الدفاع وفي لحظة ما ينقلب الوضع إلى هجوم مضاد قد يفضي إلى هدف على الفريق الذي كان مهاجمًا، وسنستعرض في مقالتنا هذه موضوع الهجوم المرتد وتحول التهجم والتنمر وأثر الاسم على الفرد إلى ابتلاء يصيب ذلك المهاجم والمتنمر بالذي كان يعيبه أو ينتقص منه في الطرف الثاني وأيضًا آثار الأسماء على الأفراد.

الأفعال المرتدة (المعاكسة)
كثيرًا ما يقدم أشخاص على تصرفات من قول أو فعل فيها تنمر وتهجم واستنقاص وسخرية واستهزاء بأطراف آخرين وعليهم وهذه التصرفات إما عن نقص ذاتي أو عن رغبة بأن يكون الآخرون بنفس شخصيته ويقومون بما يقوم به تسلطًا أو سطوة أو حسدًا أو غيرها وقد نهى الشارع المقدس عن ذلك “لا يسخر قوم من قوم..” (الآية 11 سورة الحجرات)، ولكن ما لا يعلمه هذا الشخص أن الطبيعة الإنسانية في تركيبتها تقوم بالفعل المرتد المعاكس، فكما ذكرنا في مقالتنا (كيمياء الحياة -9-) فإن الفعل (قولًا أو عملًا أو فكرة) يزرع بالعقل بإرادة الشخص أو بغير إرادته وبرغبته أو بغير رغبته، فقوله فعلٌ يزرع في عقله وإن كان موجهًا للآخرين، فهو كمن يقول لعقله: (إياك أعني واسمعي يا جارة)، فيقوم عقله بأخذ ذلك التصرف وتحليله وقبوله أيضًا، حيث إنه يقصده عن سابق تعمد مما ينقله إلى قلبه وحيث إن غالبية هؤلاء ممن لديهم القبول في قلوبهم على التنمر والتهجم فإنه يؤكده ويرسله إلى حواسه وأعضائه وبعد فترة غير طويلة تراه يقوم بذلك التصرف (الفعل أو القول) الذي كان يتنمر عليه ويتهجم، والأمثلة في حياتنا أكثر من أن تحصى أو تعد مع الأسف وأذكر هنا ما رواه التاريخ عن ذلك الجاهلي الذي كان يعيب مشية الرسول الأعظم -صلى الله عليه وآله وسلم- وبعد فترة قصيرة صارت مشيته لافتة باعوجاجها.

فقل للشامتين بنا أفيقوا – سيلقى الشامتون كما لقينا

أثر الاسم ومعناه على الفرد ربما يقول الكثير منا أن الاسم الذي يطلق على المولود ذكرًا أم أنثى عربيًا أم أعجميًا ويبقى ما يحمله طول عمره هو عنوان فقط له، وهذا ليس صحيحًا على الإطلاق فالاسم الذي يطلق يحمل فكرة تزرع في عقل هذا الفرد منذ نعومة أظفاره وخصوصًا أنه دائم التكرار عليه طول حياته وينادى به، وقد يجد القبول من عقله (كما ذكرنا محصلة الموروث العائلى والبيئة والتربية والأعراف والهوية ووساوس شياطين الإنس والجن) أو الرفض، مما يجعله فرحًا به وسعيدًا أحيانًا أو عبئًا عليه أحيانًا أخرى ومن ثم ينتقل إلى قلبه الذي إما يرسخ معنى ذلك الاسم إذا توافق مع شخصيته (السلبية أو الإيجابية) سلبًا أي أن تكون شخصيته متكبرة ومتعجرفة فإن الأسماء العظيمة تجعله يحس بعظمة كبرى لا يمكن إيقافها، أو إيجابيًا إذا كانت شخصيته مؤمنة ومتواضعة واسمه من الأسماء العظيمة فإنه يزداد إيمانًا وتواضعًا، وفي الجانب الثاني إن كانت شخصيته مؤمنة ومتواضعة واسمه من الأسماء ذات معنى التكبر أو التعالي فإنه سيعاني الازدواجية بين شخصيته واسمه وأخيرًا لمن تكن شخصيته متكبرة ومتعالية ومعنى اسمه كذلك فإنه يطغى ويتكبر (فرعون، نمرود..)

مطي
كان في بعض البلدان وفي منطقة صحراوية فتى اسمه (مطي)، وكان هذا الفتى ذا شخصية حنونة وطيبة وكثيرة العطاء ومد يد العون للآخرين مما جعل أهل قبيلته يحبونه، ولكون اسمه يعني المركوب من الحيوان (الدابة) فإنه كان يتأذى كثيرًا من أن ينادى عليه باسم (مطي) وفي يوم من الأيام طلب الفتى من شيخ القبيلة أن يغير اسمه (مطي) إلى اسم آخر لأنه يتأذى كثيرًا منه، فطلب منه شيخ القبيلة عمل وليمة لذلك فلبى الفتى الطلب عن طيب قلب لأنه ذا عطاء، وبعد أن أكل الجميع وشبع قام شيخ القبيلة بإعلان تغير اسم الفتى (مطي) إلى (جحيش) ومع الأسف على هذا الفتى الطيب!.

طليحان
كان أحدهم اسمه أحمد واسم جده طليحان وحيث إن شخصيته لم تكن تلك الشخصية التي تتحمل الاسم الأرقى في الوجود، فكثيرًا ما كان يعاني من ذكر هذا الاسم العظيم عليه ويتضايق أيضًا مما أدى به إلى طلب تغيير اسمه من أحمد إلى طليحان بل وعمل إعلانًا كبيرًا لإظهار فرحته بتغيير اسمه.

نعلم أن نيات الوالدين والأهل حسنة -إن شاء الله- في التسمية، فعليها توضيح معنى الاسم للأبناء ذكورًا وإناثًا ومتابعة أثر الاسم عليهم في حياتهم وتغييره إذا اقتضى ذلك حفاظًا عليهم.



error: المحتوي محمي