وجوه في «حرفيون 2» من القطيف.. مصطفى الحمران يحوّل قطع الخشب إلى تحف فنية

بخشب طبيعي محلي وأيدٍ قطيفية حوّل مصطفى عبدالله الحمران قطع الخشب من كونها قطعًا بلا قيمة إلى تحف فنية بذوقه الرفيع وبأنامله الذهبية.

واستعرض “الحمران” تحفه التي نالت إعجاب الزوار خلال مشاركته في مهرجان “حرفيون 2” الذي ينظمه مكتب الضمان الاجتماعي بمحافظة القطيف بالشراكة مع بلدية محافظة القطيف وجمعية التنمية الأهلية بحلة محيش وبرعاية محافظ القطيف إبراهيم محمد الخريف، والذي انطلق يوم الأحد 4 رمضان 1444، وينتهي يوم الثلاثاء 13 رمضان 1444 في حديقة الناصرة بالقطيف.

واحتوى ركن الحمران في “فعالية حرفيون 2″، على مجموعة من التحف والمباخر والأواني الخشبية وأدوات مطبخية متنوعة كلوح التقطيع، والملاعق والصواني والتي تميّزت بالدقة والجمال، وتعد هذه المشاركة هي الأولى له على مستوى الفعاليات المحلية.

بدايات
قصة طموح وموهبة بدأت منذ 22 عامًا حين بدأ “الحمران ” الحاصل على دبلوم ميكانيكا بتعلم فن النجارة من اليوتيوب عن طريق الفيديوهات الأجنبية من عام 2010م حتى أتقنها كهواية وأضاف لمساته الخاصة عليها، ولم يقف عند هذا الحد بلا سعي لتغير توجهه المهني إلى النجارة فأضاف إلى مسيرته الأكاديمية اختبار النجارة في المعهد التقني بالدمام للحصول على شهادة تؤهله للعمل بخبرته وهوايته المفضلة، وهو يعمل حاليًا فني نجارة في قسم الصيانة في إحدى المؤسسات.

وذكر الحمران خلال حديثه لـ«القطيف اليوم» أن والده كان يعمل بيده في أمور النجارة وإصلاحات المنزل مما زرع في داخله حب العمل الحرفي، مضيفًا أنه في البداية سعى لتعلم النجارة وساعده أحد إخوانه كثيرًا في هذا الأمر حيث كان يدرس في أمريكا وكانت أجهزة النجارة قبل 22 عامًا غير متوفرة لديهم فطلب منه شراءها وشحنها له وتم الأمر؛ وكانت أول قطعةاستوردها هي طاولة المنشار وهكذا كلما احتاج إلى أدوات جديدة كان أخوه يوفرها له بلا تردد.

قطع فنية حسب الطلب
وأوضح الحمران أنه صمم منجرته الخاصة في كراج منزله ليمارس هوايته، وافتتح مشروعه الخاص عبر متجره في منصة التواصل الاجتماعي الإنستقرام والتي تحمل اسمه «mustafa_hamran» بعد أن أعجب أصدقاؤه بالأعمال التي ينجزها.

واستكمل حديثه قائلًا: “أعمل كل يوم تقريبًا ولكن على حسب استطاعتي وأوقات الفراغ في حدود من ساعة إلى أربع ساعات، وتأخذ مني القطعة الواحدة من ساعة إلى ساعتين حسب حجم القطعة والدقة المطلوبة فيها، ولكن أغلب القطع التي يطلبها زبائني تحتاج إلى تصميم ووقت لتنفيذ ذلك”، متابعًا “لا آخذ الكثير من الأعمال في وقت واحد والقطع الجاهزة التي أصممها من بنات أفكاري أو من صور الأعمال المنجزة في برنامج (Pinterest) وهو المفضل لدي”.

عالم الأخشاب
“أنواع الخشب كثيرة لا حصر لها وكل نوع له استخداماته ومميزاته وعيوبه”؛ بهذه الكلمات تحدّث “الحمران” عن مجاله قائلًا: “النجارة التي أعمل عليها هي النجارة العامة كنجارة قطع الأثاث، والنحت، وخراطة المجسمات، وقص الأسماء بالليزر، وتحتاج إلى نوعين من الخشب؛ الخشب الصلب والخشب اللين”.

وقال: “بالنسبة لي أحب الأخشاب الليّنة وهي الأفضل للنجارة العامة لكن بعض الأعمال تحتاج إلى الخشب الصلب وخاصة أعمال النحت لأن الليّنة تتلف ولا تتحمل ضغط النحت”، مضيفًا: “ومن ناحية التكلفة هناك الأخشاب عادية التكلفة والأخشاب الثمنية، وأستخدم في أعمالي خشب (الونقي)، وخشب (الزبرانو)، والأخشاب المفضلة لدي على وجه خاص خشب الزيتون، وخشب الجوز وخشب الميبل وهي من الأخشاب الثمينة عالية التكلفة لكنها متوفرة بالسوق”.

أدوات وأجهزة
أكد “الحمران” حرصه على اقتناء جميع أجهزة النجارة بمختلف أنواعها في منجرته، موضحًا أن شغفه في اقتناء أجهزة النجارة ليس له حد؛ ولذلك يمتلك جميع مكائن النجارة الكهربائية وأدوات الحفر.

ونوّه بأنه مثله مثل أي نجار أهم الأدوات التي يملكها هي طاولة المنشار الكهربائي (قلب المنجرة) والتي ينجز عليها أغلب أعماله، وأيضًا المخرطة، وجهاز الليزر للأعمال الخفيفة، وماكينة بَنِل سوا (panel saw)، ومكينة الجوينتر (jointer) لمعالجة عيوب الأخشاب كالتقوسات والميلانات والتقعر والاعوجاج والتي تكون شائعة في الخشب الخام، وماكينة البلانر (planner ) والتي تعالج سماكة الخشب وتوحده، وآخر جهاز يقتنيه ويعمل على تركيبه هو آلة CNC رواتر وهي من أنظمة الليزر الحاسوبية عالية الدقة للنحت.

تحف بلا مسامير
وأردف “الحمران قائلًا: “في بعض أعمالي قد لا تجد مسمارًا أو قطعة معدن واحدة؛ فأنا أحب أن أستخدم الغراء في قطعي لتثبيت أجزاء الخشب ولصقها ببعض والغراء يأتي منه أنواع؛ الصمغ الأبيض وغراء أسيتات البولي فينيل؛ بالإضافة إلى غراء الريزولسيينول والذي يتميز بمقاومته للحرارة وعدم تأثره بالماء، ثم تأتي مرحلة الصنفرة فلابد بعد إنهاء أي قطعة تنعيمها وصنفرتها”.

التشطيب النهائي
لفت الحمران إلى أنه لا يفضّل استخدام الدهانات على قطعه ولكنه يفضّل تركها على طبيعتها، وقال: “جمال القطعة يبرز في مرحلة التشطيب النهائي (الفنش) وأستخدم في معالجة قطعي دهان اللكُر (Lacquer) اللامع أو المطفي حسب ذوقي أو بناء على طلب الزبون ويكون الغرض منه إظهار تفاصيل الخشب بشكل جمالي وكذلك حماية القطعة من العوامل الخارجية لكن لا أحبذ استخدام الدهانات”.

وبالنسبة لاستخدام الريزن في التشطيب فأوضح أنه يعجبه لكنه لا يعمل فيه والسبب يعود إلى أنه يحتاج إلى دقة ومهارة عالية مبيّنًا أن الريزن ليس سهلًا بالصب وقد تكون القطعة ثمينة وأي خطأ بسيط يخسره إياها.

واختتم “الحمران بقوله: “إن أي هواية يمارسها الإنسان ويجد نفسه فيها تضيف له الحياة والسعادة كما أن شعور الإنجاز يملأ الإنسان بالفخر والاعتزاز”.




error: المحتوي محمي