من جولة كاميرا محمد الخراري في القطيف.. وجوه راحلة تملأ «قصاصات من حياتنا» بـ«رائحة المكان»

هل جرّبت أن تشم رائحة المكان بصورة؟ وهل عشت تجربة لا تُضاهى حين أعادتك ذاكرتك لذات المكان والزمان بشخوصٍ تمثلهم صورة ملتقطة في لقطة عفوية كانت صيد الكاميرا؟ إنّها الشغف الذي تعشَّش حبًا وابتكارًا في قلب وعقل وكاميرا المصور الفوتوغرافي محمد الخراري، شغفٌ دفع به لالتقاط صور لأشخاص ترابيين طيبين ضمّتهم صورة وفرقتهم دنيا، لكنّ تلك الالتقاطة العفوية أحضرتهم وبعثتهم من جديد في قلوب أهاليهم وأحبتهم، ودفعت ابنًا أوحفيدًا للتواصل معه عبر قنوات السوشيال ميديا للسؤال عن تلك الصورة الملتقطة لأبيه أو لجده أو لعمّه أو حتى لجاره وطلب اقتناء الصورة التي هي مجموعة من فيض صور شارك بها الخراري في معرض”قصاصات من حياتنا” الذي أقيم في صالة علوي الخباز بالقطيف.

رائحة المكان
وعن سبب اختيار اسم “رائحة المكان” استرجع الخراري في ذاكرته عدة سنوات عمل فيها محاضرات وهاشتاج معروف باسم محمد الخراري تحت مسمى رائحة المكان، فهو يرى أنه من خلال الصور تستشعر المكان، أو تشعر بانتمائك إليه وأنك جزء منه، ففكرة نقل المشاهد إلى المكان نفسه ومعايشة تفاصيله واستشعار وشم رائحة المكان ورائحة الشارع ورائحة البلدات كانت أمرًا مستأنسًا لديه، مما دفعه لبث الحياة في الاسم نفسه مستفيدًا بالمسمى من أحد أشهر مصوري تصوير الشارع الأمريكي بروس غيلدن حينما سئل عن ماهية تصوير حياة الشارع؟ فقال: ببساطة إذا شممت رائحة الشارع في الصورة فهي تعد صورة شارع ناجحة، ومن هنا ولد الاسم والنتاج والمشروع والمعرض.

سنوات للوراء
شارك الخراري في المعرض المختتم يوم السبت 3 رمضان 1444هـ، بصور قديمة كان المميز فيها إضافة إلى سنوات عمرها التي تجاوزت عشر سنوات أنها لم تعرض في معارض سابقة، ويعود عمر أقدم لوحة لبداية المشروع في عام 2013 – 2014م، أما بالنسبة للصور المشاركة في المعرض فإنّ أقدم صورة مشاركة تعود إلى عام 2015م تقريبًا، ويتميز هذا المعرض أيضًا بأن هناك لوحات مشاركة ضمت أربعة أو خمسة أشخاص قد انتقلوا إلى رحمة الله، وفيهم من توفي قبل شهر أو أقل وبعضهم منذ سنة أو سنتين، وبعضهم أكثر أو أقل، ومشروعه مليء بصور كبار السن الماضين، والباقين بعمر مديد إن شاء الله.

بقعة جغرافية ميتة
وفكّ الخراري العقدة والرابط بين الوجوه ورائحة المكان القديم، ذاكرًا أنّ المكان بدون الناس وآثارهم هو بقعة جغرافية ميتة لا حياة فيها، وفي هذا المشروع بالذات أحب أن تكون صوره كلها هي صور الناس، فأرواحهم هي روح الصورة وحياتها وسر انجذاب الناظر إليها، ولهذا فهو لا يستغني عن العنصر البشري في كل أعماله خصوصًا في مشروع “رائحة المكان”.

العفوية والشارع
ووصف الخراري المشاركة بهذه الصور بالعفوية الواضحة، فالصور لحياة الشارع في القطيف وبلداتها وشخوصها هي التقاطات عفوية، وهذا من أساسيات حياة الشارع أن تكون الصور عفوية غير ممسرحة، وغير معدة مسبقًا، منوهًا بأنه قد تناول في أغلب الصور المشاركة في المعرض كبار السن فقط، وإلا فإن مشروع “رائحة المكان” أوسع من ذلك فهو يشمل ويتناول كل الأعمار.

الانسجام
وأبان عن سبب اختيار اللوحة أو اللوحات في المعارض سواء الشخصية أو المشتركة بأنّ الأعمال لا بد وأن تكون جميعها في رتم واحد، بإيقاع واحد، وفي موضوعٍ واحد، وهذا هو سبب الاختيار، فالمشروع منسجم مع بعضه تحت عنوان “رائحة المكان” وهو توثيق للشارع القطيفي المميز، ولكن السبب الأساسي خلف اختيار هذه الأعمال أنها قريبة من بعضها وتحكي جزءًا أو ملخصًا عن مشروعه، مشروع “رائحة المكان”، فالصور المشاركة في المعرض تتناول كل مناطق القطيف، ولكن بسبب محدودية الصور المشاركة في المعرض -الذي نظمته جماعة التصوير الضوئي بالقطيف-، والبالغ عددها 12 صورة تقريبًا فالصور اقتصرت على مناطق القلعة والشريعة والكويكب والخويلدية وتاروت.

معرض مستقل
وتشارك الخراري مع «القطيف اليوم» أمنيته بأن يعمل لنفسه كتابًا خاصًا، ومعرضًا مستقلًا منفردًا عن حياة الشارع القطيفي تحت هذا العنوان نفسه “رائحة المكان”، آملًا أن يوفق في توثيق المنطقة بتفاصيل أكثر بكل ما تتمتع به من جماليات وميزات، فهذا المشروع كما يصفه هو مشروع قطيفي إنساني يرعاه ابن القطيف أيضًا وأهدافه نبيلة جدًا، ويخدم المنطقة وأهلها الذين يبصر فيهم النظرة المستقبلية والفهم والإدراك لهذه الأهداف وقيمتها الثمينة للقطيف، ثم التعاون الجميل والكبير لأجل تحقيقها، باعثًا مسك سلامه لـ«القطيف اليوم» على مبادرتها الدائمة لتسليط الضوء على كل نتاج وابتكار وطاقات القطيف الولادة.




error: المحتوي محمي