نادي عشتار بتاروت.. مقارنة منطقية

طرح الأخ محمد الصغير مسألة تغيير مسمى نادي الهدى بتاروت مبينًا الأسباب التي دفعته لطرح الموضوع مجددًا، ومن قرأ المقال سيدرك مدى الحماس لدى الكاتب بضرورة التغيير، مصوبًا المسألة نحو دلالة المعنى أو رمزية الاسم.

منوها بأن التسمية المتعارف عليها لا تمت لحضارة البلد لا من بعيد ولا من قريب، مقترحًا استبدال (الهدى) بـ(عشتار) وله قناعاته في ذلك، بحيث يصبح (نادي عشتار بتاروت).

هنا لا بأس في التفكير في الموضوع مليًا، ماذا لو تغير الاسم إلى مسماه الجديد واختفي القديم نهائيًا؟، ماذا سيعني؟ بالنسبة للاعبين في مختلف مجالاتهم وأيضًا لمشجعي النادي عمومًا وللجماهير الرياضية كافة
الذين يعرفون عمق الاسم أي (الهدى) والمتجذر في الوجدان والمرتبط بفترة اتحاد ناديين عريقين (النسر + النصر = الهدى) منذ عام 1972 أي حسابيًا منذ 51 عامًا وظل الاسم إلى حين تسجيل النادي في 1976 رسميًا، وطوال هذا التاريخ،
لم يطرح تغيير الاسم حسب علمي إلا في الآونة الأخيرة، أي قبل سنتين ولا أدري من وراء فكرة تغيير الاسم، مع إيماننا بأن النوايا حسنة.

حينما طرحت إداراة النادي والمتمثلة في رئيسها وصفي البصارة مسألة التصويت على أعضاء النادي، بين ثلاثة أسماء؛ نادي تاروت، نادي عشتار، نادي الهدى، جاءت نتيجة الاستفتاء، الإبقاء على الاسم كما هو دون تغير.

عند ذلك بات الموضوع محسومًا وكأن المسألة لا تحتاج إلى إعادة النقاش مرة أخرى.

لكن فلنفرض جدلًا لو أن الإدارة غيرت الاسم بدون استفتاء، مقتنعة بضرورة تغيير الاسم، وأطلقت التسمية الجديدة (نادي عشتار بتاروت) منوهة بالعمق التاريخي للبلد، دون الرجوع إلى أحد سوى نفسها أي انفردت الإدارة برأيها،
وقالت لا بأس لنغير الاسم وما المانع؟ فالأدلة كثيرة على مستوى العالم حتى أكبر من حجم نادينا
بأضعاف مضاعفة، أسماء بلدان تغيرت وعواصم رئيسة لدول استحدثت، على سبيل المثال لا الحصر.

هناك في جنوب شرق آسيا أكبر دولة في العالم الإسلامي من حيث عدد السكان، تغير اسمها مرات، جاوى – ملايو – جزر السوند – جزر الهند الشرقية – جزر الهند الهولندية، جزر النيدرلندية – هندونيسيا، حتى ثبت اسمها المعروف حاليًا والمعروف بأندونيسيا.

ولنرَ في وسط آسيا، وتحديدًا في دولة
(قرغيزستان) بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي وانهياره غيرت اسم العاصمة إلى (بيشكك) بدلًا من “فرونزه”.

وجرى الحال في روسيا الاتحادية لبعض المدن، (ستالينغراد) المدينة التي هزمت هتلر تحولت إلى اسم (فولغوغراد) ومنذ تأسيسها كانت تسمى (تساريتسن)، وأيضًا مدينة (بيتروغراد 1914) إلى(لينينغراد 1424) وظلت محتفظة بهذا الاسم إلى عام 1991 سنة تفكك الاتحاد السوفيتي عادت للاسم القديم (سانت بطرسبرغ) وكانت عاصمة روسيا لقرنين ثم تحولت العاصمة لمكان آخر (موسكو)، وأيضًا في جمهورية كازخستان تركوا عاصمتهم السابقة (الماتي) في الجنوب وذهبوا إلى الشمال وأقاموا عاصمة جديدة أسموها (آستانا) وغيرت في السنة 2019 إلى (نور سلطان) وعادت من جديد إلى(آستانا) وكذا اسم هولندا الحالي عرفت سابقًا “نيدرلندا”.

أما في الهند فتم تغيبر اسم مدينة (بومباي) العريقة إلى (مومباي) فقط استبدلت الباء ميمًا، لكن مدينة (مدراس) في الجنوب تغيرت تمامًا إلى مسمى جديد (چناي)، وأيضًا(كالكوتا) إلى (كولكاتا)، وكل هذا تم من طرف الحكومة بضرورة التخلي عن أسماء المدن حسب اللغة الهندية الحديثة وإحياء الأسماء القديمة الموجودة في اللغة القديمة السنسكريتية، التغييرات في الهند صاحبها ضجيج واسع خصوصًا بعد تغيير اسم مدينة (جورجان) إلى (جورو غرام) التي تضم عشرات الشركات متعددة الجنسيات، بالعودة إلى اسمها القديم لكن انبرت عاصفة من الانتقادات في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لدرجة أن صاحب المدونة الشهير الكاتب (مادهوري بانبيرجي) عبر تغريدته في تويتر قال: (تغيير أسماء المدن والشوارع مضيعة للوقت والمال والطاقات، فمن الأفضل إصلاح الطرق والبنية التحتية بهذه الأموال)، ومع الإصرار الشعبي بقي الاسم على ما هو عليه.

إجمالًا من هذه الأمثلة ومفارقاتها التي ربما تشعبت بها عن فحوى الموضوع ولي فيها قصد من ذلك يعني بقاء الاسم من عدمه ليس أمرًا مقدسًا.

وهنا أقول رأيي الشخصي وليس من باب الإلزام لأي أحد، مجرد وجهة نظر، لو قامت إدارة نادي الهدى بخطوة مغايرة وذلك بعرض فكرة تغيير الاسم مرة أخرى ليس على الأعضاء الحاليين ولنا كامل التقدير لإنجازاتهم وحبهم لناديهم ولا أحد يزايد عليهم.

إنما توجهت لأعضاء النادي السابقين الذين يدعمون النادي قلبًا وقالبًا من خلف ستار، فمنهم المدرسون والمهندسون والدكاترة والمثقفون والباحثون والكتاب، ووجهت لهم الدعوة في النادي وعرضت عليهم الفكرة بين الإبقاء على الاسم القديم أو إطلاق اسم (نادي عشتار بتاروت).

فهؤلاء الصفوة لهم وجهة نظر مقدرة ولهم بعد نظر ربما تحسم الموضوع!
و(ما خاب من استشار).
لنجرب تسمية النادي باسم (نادي عشتار بتاروت) لمدة شهر، هل ستأنس النفوس بالاسم الجديد وتتعود عليه مع مرور الأيام شيئًا فشيئًا ربما تنسى القديم أم (قديمك نديمك) ؟!
أقول: كل هذا مجرد مقترح قابل للأخذ أو الرد.



error: المحتوي محمي