كيمياء الحياة -7-

أصحاب الكنبة (الأريكة)

وصفَ الكثير ماهية الحياة، ووضعوا لها أمثلة تقريبًا حتى يتمكنوا من فهمها ما بين سفينة تمخر عباب البحر إلى قطار يحمل راكبيه في رحلة الحياة وغيرها، وبمثال الكنبة التي يجلس عليها ثلاثة أشخاص هي لا تخلو أن تكون إحداها، فهم إما ثلاثة منسجمون بأفكارهم وبنية أجسامهم أو أن يكون الاختلاف بينهم إما سلبًا أو إيجابًا، أي بمعنى أن يكون اثنان منهما متشابهين والآخر مختلف عنهم واختلافه عنهم قد يكون بما يريدون أو لما يكرهون، وسوف نجلس مع هؤلاء على أريكة الحياة ونرى الفعل وردات الفعل.

اتصل بالبلدية
يصادف أن يكون معك في الحياة وعلى أريكتها من هو ثقيل الوزن والكتلة والدم (وليس المقصود هنا من زاد وزنه على المطلق) بحيث لا يجعل لك مجالًا حتى للتنفس، ويكون وجوده مؤذيًا لك فهو في كل حين يسبب الكثير من المشكلات والضيق لك ومثل هؤلاء من يتمنى الإنسانُ رحيلهم عن الأريكة (الكنبة) وهي أمنية ورجاء في كل حين وليس هذا فقط بل ربما يصل الأمر إلى ما أورده صديقي العزيز أبو موسى الذي كان مسؤولًا لثلاجة الموتى بالمستشفى الذي كنت أعمل فيه، حيث قال لي أن أحدهم قد توفي ولكون أبو موسى هو مسؤول إدارة الموتى فقد طلب منه الاتصال بذوي المتوفى لكي يولون منه ما يولى الميت من التكريم عند وفاته، فإذا بهم يقولون له ((اتصل بالبلدية)) لإكمال إجراءات إكرام الميت.

عمرها تسعون أو أكثر
وعلى الكنبة الثانية كان هنالك بين الجالسين وفي وسطهم خفيف الظل والوزن والدم والكتلة (ولا علاقة للوزن في ذلك) صاحب اليد الكريمةِ ذو العطاء وصاحب الطرفة والحكمة، وللجلوس معه فائدة في الدين والدنيا والآخرة فهو ينقلك معه لعالم المتعة النفسية والروحية والبدنية والأخلاقية وغيرها ولا بقاء على الكنبة (الأريكة) بقيامه منها وعنها، فالظلمة حتمية والحزن عظيم لفراقه لدرجة أنك ترى الجميع يبكي لفقده أو فقدها، يبكي الفقيد والفقيدة صغار وكبار، رجال ونساء فتتساءل كما تساءلت حين رأيت ذلك بعيني، من المتوفى!؟ أهو شباب فتاة أو فتى في مقتبل العمر وهل الوفاة بحادث مأساوي؟! فجاءني الجواب بل عجوز كبيرة السن فوق التسعين سنة، وأنتم من يقدر الحال هنا.

إن لم تكن الثاني فلا تكن الأول
“لمن يدور الدهر لا بد لك يعود
ومنه الثمر تحصد للي زرعته”

وكل عام وأنتم بخير



error: المحتوي محمي