فيلم زنجبار

ما زال منتدى القطيف يواصل دوره كمنصة لتعريفنا بنقاط وأوجه الإبداع الذي ينتجه أبناء هذا الوطن، كما يمنح في نفس الوقت الفرصة للمبدعين للتعريف بأنفسهم كمبدعين وأيضًا تمكينهم من عرض إبداعهم عبر هذه المنصة المتاحة للجميع. والحقيقة أن بعض الشباب يحتاج إلى رعاية وتوجيه، فيما البعض الآخر لا يحتاج سوى إلى منحهم الفرصة فقط لتسجيل بصمتهم.

قبل أيام وفي إحدى ندوات المنتدى لهذا الموسم تم عرض الفيلم التسجيلي القصير (زنجبار) للمخرج والتشكيلي أ. نزار رائد الأسود وهو بالإضافة إلى ذلك طالب في كلية العمارة والتخطيط.

الفيلم لفت نظري في أكثر من جانب، فالعدسة كانت موجهة إلى بلد قد لا يكون مغريًا لذلك، وبالتالي لا يتم عادة تسليط الضوء عليه، فهذا البلد ينقلك للتاريخ والتراث أكثر منه للمظاهر المدنية، وقد أجاد الفيلم في إبراز هذا الجانب، والفيلم ينقل المشاهد وبطريقة احترافية إلى استنشاق هواء ذلك البلد وروائح البهارات والسجائر هناك، فهذا البلد يعرف أيضًا بجزيرة القرنفل. تكشف عدسة المخرج كذلك وبرشاقة وعبر عدة عناصر حية عن الخليط الثقافي الموجود هناك بما فيها الثقافة العربية، والعمانية واليمنية على سبيل التحديد التي استوطنت هناك منذ القرن الميلادي الثالث عشر، وما استتبع ذلك من تجارة ومصاهرة بينهم. وفي زنجبار تعزف الموسيقى الشعبية هناك بآلات موسيقية عربية كالعود والقانون، كذلك تشاهد الأزياء التقليدية وأنماط العمارة والأكل وحتى الأسماء، إضافة إلى اللغة السواحلية التي هي خليط من اللغات وأكثر من نصف مفرداتها هي من اللغة العربية.

تستطيع أن تستشف كل هذا عند مشاهدة هذا الفيلم الجميل، والفيلم كما ينقل مخرجه أنه نتاج تغيير للهدف الرئيس الذي ذهب إليه، فمن مجرد رحلة تطوعية لتصوير نماذج من العمارة هناك، إلى اتخاذ قرار آخر مختلف وتغيير كلي، فصار الهدف هو تقديم صورة مصغرة للحياة التي يعيشها الناس هناك بأكبر قدر من تفاصيل العناصر الثقافية الفاعلة في المجتمع هناك.

كمتذوق أرى أن مستوى الاحترافية الذي قدمه هذا العمل الجاد والجذاب لا يختلف عما نشاهده في القناة الوثائقية المتخصصة، وهو شيء يرفع أكثر منسوب الثقة والفخر في الطموح الذي يكتنز شبابنا في مختلف مجالات الإبداع.



error: المحتوي محمي