في العوامية.. «الوَلَد سِرّ أبيه».. وأمه.. آل نمر طفل يبحر في باكورة مؤلفاته بـ«يوميات السيد يامن»

جُبِلَ الأطفال على الأحلام بأمنيات مستقبلية ولكن أغلبهم ينسون تلك الأحلام وبعضهم يحققونها عندما يكبرون، أما الكاتب الصغير ذو الثمانية أعوام يامن محمد آل نمر فقد حلم وحقق حلمه في عامين اثنين فقط رغم حداثة سنه؛ فقد أصدر باكورة أعماله الكتابية “يوميات السّيد يامن” وهي عبارة عن تجميع لكتاباته التي كان يكتبها مُنذ أن كان في سن السادسة من عمره، فهو يكتب يومياته، وأفكاره، أحلامه، وأمنياته، أوجاعه، وأفراحه.

وجاء ذلك العمل الصادر عن دار ريادة للنّشر والتوزيع في 53 صفحة، مُحتضنًا في زواياه الرسومات بريشة الفنانة حور علي المادح، وهو ثُنائي اللّغة، حيث إنَّه مُترجم من اللغة الإنجليزية للعربية؛ حيث اختار الكاتب الصغير آل نمر اللّغة الإنجليزية التي تستهويه ليكتب ويُعبر عن ذاته، وما يُريده، وذلك لأنَّ دراسته الأساسية مُنذ عمر الـ5 سنوات في الولايات المُتحدة الأمريكية.

حُلم الكتابة
“إن أجمل أحلامي أن أصبح كاتبًا، مثل هؤلاء الكُتّاب الذين قرأتُ قصصهم الجميلة والمُثيرة” افتتح آل نمر حديثه عن حكايته بهذه الكلمات، التي جاءت نتيجة تحفيز معلمته “السّيدة بيستا” له حيث كانت تُثني على كتاباته بين الفينة والأخرى، لما أحسّته من موهبة في الكتابة داخل هذا الطالب تحتاج إلى احتضانها. فكانت تُشجعه على الكتابة عندما لاحظت أنَّ لديه خيالًا واسعًا، ويقُوم بتوظيفه في ابتكار فقراته الكتابية، وذات يوم قالت له، والابتسامة، تفيض بالأمل: أنت ستكون كاتبًا رائعًا، مثل الكتاب الذين نقرأ لهم هذه الكتب الآن.

وذكر أن هذه المُعلمة كانت تلزم الطلاب بقراءة مجموعة كتب خلال كلّ شهر، وتدوين بعض المعلومات عن ما يقرؤون في جدول، مثل: عنوان الكتاب، واسم المؤلف، واسم الرّسام لرسومات الكتاب، وتحديد مدة بدء القراءة والانتهاء منها، وفي نهاية الشهر، تستلم منهم هذا الجدول، ويتم تقييم الطالب المُنجز والمُلتزم، وإقامة فعالية في العام الدّراسي، يتم توجيه دعوة لأولياء الأمور مع الطلاب لحضورها، وتكريمهم بعد مُناقشة المحتوى، مبيّنًا أن هذا ساعده في تنمية مهارة القراءة والكتابة بشكل سريع.

وعبّر عن رغبته في أن يكون كاتبًا؛ ليجسّد في إصداره حالته كمغرم بالكتابة، ليُسطر ببراءته أيديولوجية الكاتب، وماذا ينبغي أن يكون عليه، واضعًا خارطة طريق، تأتي من خلال تعلق الكاتب بالكتابة، مما يجعل الاستمرار سبيلها، لتكون رفيقة دقائقه، وأنيسة أنفاسه، فالكتابة مرآة صافية، تعكس ما في عينيه، فيكتبه على القرطاس باتساع تطلعاته.

كتب في “يوميات السّيد يامن”: “أنا صبيّ يبلغ من العُمرِ تسع سنوات، تعلّمت القراءةَ والكتابة مُنذُّ سنّ الخامسة، أحبّ القراءة والكتابة َكثيرًا. مُنذُّ أن تعلّمت الكتابة وحتى هذه اللّحظة، أحرص على كتابة كلّ أفكارِي، وكلّ ما تقع عيني عليه، وأيّ شيء يحدث لي في المدرسَة، أو المنزل، أو السّوق، أو أيّ مكان آخر”، مُضيفًا: “أحبّ كلّ ما أكتبه، حتى لو كان مليئًا بالأخطاء، لأنَّني أتعلّم دائمًا من أخطائي، وأستفيد منها مُستقبلًا”.

وتكلم عن تشجيع أسرته له وتحفيزه ودورهم في تنمية موهبته عبر احتضانها النّوعي لها، مبيّنًا أن أمه هي الكاتبة ليالي الفرج، وأنها كانت تحرص على تشجيعه، وتُلزمه بالكتابة بشكل يومي، حيث كانت تطلب منه التّعبير عن أحداث يومه كتابيًا، أو كتابة فقرة عن رأيه في موضوع معين مُتعلق بحياته، لتعده بأنه إذا استمر في إثراء محتواه الكتابي، فستدعمه في إصدار كتاب له وهذا ما حصل في “السّيد يامن”.

وعن عنوان الإصدار، الذي جاء من خلال ظلّه لقبًا، يُشبهه، وهو “السّيد يامن”، يُجيب النمر المُنحدر من بلدة العوامية، لـ«القطيف اليوم» بأنَّ العنوان جاء تفاعليًا مع معلمته، التي كانت تُناديه بـ”السّيد يامن” في المدرسة، ليحمل الإصدار تذكارًا جميلًا بالنسبة له، فمهما مرّت السّنوات؛ تبقى مُعلمته، التي كانت تُمثل أبجدية التّشجيع والتّحفيز في عالمه الكتابي، ليعيش كلماتها، والبيئة الدّراسية في حياته المُستقبلية، مؤكدًا أنه يحب ويحترم معلمته.

وقال: “إنَّ الأشياء الجميلة، التي كانت لنا المُلهم في الحياة، ينبغي توثيقها بأيّ لون، وبأيّ شكل، لتظل في ذاكرتنا، ننعم بما تُفيضه علينا من الخيرات، لننعم بها، وتكون المُوجّه لنا في كلّ حين”.

بطعم التوت
واحتوى الإصدار، النّابض عن يومياته على ما من شأنَّه أن يجعله، ومن في عُمره، إضافة إلى من يكبره، وكيف يمكن أن يكون الإنسان ناجحًا في دراسته، ومُتوفقًا فيها، أيضًا، كيف أن يصل الإنسان إلى أن يكون كاتبًا ناجحًا، وذلك من خلال أساليب وتقنيات بسيطة في جُهدها الجسدي، إلا أنَّها، تُعتبر أساسًا نوعيًا.

كتب في “السّيد يامن”: “أخبرني والداي ومعلمتي أنَّ عليّ أن أكتب عن أيّ شيء أفعله أو أفكّر فيه خلال يومي؛ لأنّ ذلك يُساعدني على أن أكون كاتبًا جيدًا، ومُفكرًا بارعًا”، وأضاف: “لقد جعلتني هذه النصيحة أكتب كلّ يوم، حتى لو كتبت سطرًا واحدًا، أو جملة واحدة فقط”، مُوجهًا: “فعندما نشرع بكتابة سطر واحد، سنجد أن لدينا المزيد مما نكتبه بالتأكيد يومًا بعد يوم على مدى الأيام القادمة، إنَّه عمل رائع بالفعل”.

ووجّه نصيحة قائلًا: “نصيحتي لكم يا أصدقائي أن تكتبوا كلّ يوم حتى لو كنتم مشغولين”.




error: المحتوي محمي