من حكايات المتبرعين.. في القديح.. ارتفاع ضغط الدم يتحول لـ فشل كلوي عند محمد الحايك.. ويوسف يسابق إخوته لإنقاذه

لم يكن يحتاج لغير ثوانٍ قصيرة ليقرر أن يغير مصير أخيه، وينقله من أوجاع الغسيل الكلوي، إلى حياة بلا وجع أو تعب، فالرحلة التي امتدت لـ10 أعوام بـ محمد أحمد إبراهيم الحايك، وهو يتجرع آلام الكلى، انتهت بقرار اتخذه أخوه “آخر العنقود” يوسف، بأن يهديه إحدى كليتيه، حتى يعيش حياته سليمًا معافى كبقية إخوته.

من ارتفاع الضغط إلى الفشل الكلوي
محمد الأخ الأوسط من 10 إخوة من الذكور والإناث، تحديدًا هو الخامس بينهم، شاءت إرادة الله أن يقع رهينةً بين يدي آلام الكلى، بعد إصابته بمرض ارتفاع ضغط الدم الذي تطور ليكون مرضًا ثقيلًا.

يقول: عانيت من مرض ارتفاع ضغط الدم لفترة، وكأي مريض بالضغط وصف لي طبيبي أدوية لعلاجه، لكنني لم أكترث بالانتظام عليها، الأمر الذي سبب لي أوجاعًا في الكلى، وبقيت أعاني منها تقريبًا 10 سنوات، إلى أن تحولت تلك الأوجاع إلى فشل كلوي.

مفاجأة غير سارّة
خبر إصابة محمد بالفشل الكلوي جاءه صدفةً، بعد أزمة صحية طارئة ألمت به، وتسببت في تنويمه بمستشفى القطيف المركزي، عندها أخبره الدكتور المشرف على حالته عن شبه إصابته بالفشل الكلوي، حيث تبيّن أن الكلى تعمل بنسبة 30%، بعدها دخل في مرحلة العلاج الدوائي والمتابعة الطبية.

لـ الخير.. يتنافس المتنافسون
تنافست أسرة “الحايك” لإنهاء معاناة “محمد”، ورغم أنه لم يخضع للغسيل سوى 3 جلسات، فإن أفراد الأسرة اتفقوا على أنه لا جلسات غسيل جديدة سيخضع لها، فهبّ 3 من إخوته وأيضًا أولاد أخيه، جميعهم كانوا جاهزين لتقديم واحد من كِلاهم لإنقاذه، إلا أن الحظ كان من نصيب “يوسف”.

وقد كان لاجتيازه جميع الاختبارات والفحوصات الطبية يد كبيرة في تلقيه ذلك الشرف بأن يكون هو السبب بعد الله سبحانه وتعالى في إنقاذ حياة أخيه، لا سيما وأنه كان الأكثر توافقًا من بين كل من تقدم للتبرع.

رحلة التبرع
يحكي يوسف لـ«القطيف اليوم»، حكايته مع رحلة التبرع، بقوله: “بعد أن قرر المستشفى أن أخي وصل إلى مرحلة يتوجب عليه إيجاد متبرع أو البدء في مرحلة الغسيل الكلوي، وجدت نفسي مستعدًا للتبرع له بكليتي”.

ويضيف: “رغم أني لم أفكر سابقًا في مسألة التبرع بإحدى كليتي، فإن إحساسي بمعاناة أخي مع الألم والغسيل ودافع الأخوة، وعلاقتي بإخوتي تجعلني أضحي من أجلهم وهو ما فعلته، فأن أكون سببًا في إنهاء معاناة أخي هو ما يشعرني بالسعادة، فالمهم أن يعود أخي إلى حياته الطبيعية بعيدًا عن معمعة الغسيل والأدوية”.

مضت فترة الفحوصات الطبية من قبل المستشفى سريعة، رغم كثرة الفحوصات والتحاليل، وذلك حتى يتم اتخاذ القرار ما إذا كان هناك توافق بين يوسف وأخيه، وعندها يمكنه أن يجري العملية، يعلق يوسف على تلك المرحلة بقوله: “كل شئ كان ميسرًا خاصة من قبل المستشفى، والحمد لله لم تواجهنا أي عراقيل أو صعوبات حتى نهاية رحلة الفحوصات وظهور نتيجة المطابقة”.

نهاية رحلة الألم
في يوم الخميس 10 مارس 2022م، كانت نهاية لتاريخ الألم في حياة محمد وبداية جديدة له بحياة رفع وجعها جزءٌ صغير من جسد أخيه يوسف، بعد أن تمت عملية التبرع بنجاح، ليعود بعدها الأخوان إلى حياتهما الطبيعية.

يعلق يوسف على انتهاء العملية: “كان كل ما أتمناه، أن يستعيد أخي صحته وعافيته، وأن أرى رضا أمي وفرحها بعودة أخي لحياته، تلك كانت أجمل اللحظات المنتظرة بالنسبة لي، فمعاناة أخي أثرت على كل أفراد عائلتنا، لكن الحمد لله الآن يظللنا شعور السعادة بعد أن انتهت تلك المعاناة”.

نهاية العام يتوج بوسام الملك
مضى على إجراء العملية أكثر من 11 شهرًا، وابنا أحمد الحايك يتمتعان بصحة جيدة، كما أن محمدًا عاد لحياته الطبيعية، وقبل 3 أسابيع ظهر اسم يوسف بين أسماء متبرعين شملهم التكريم بوسام الملك عبد العزيز من الدرجة الثالثة، ضمن 100 تبرعوا بأحد أعضائهم.

يصف شعوره تجاه تقلده لوسام الملك عبد العزيز بقوله: “كان من دواعي سروري وفخري أن أكون ضمن من حظوا بالتكريم بهذا الوسام الغالي الذي يحمل اسم المؤسس الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه-، ومن هذا المنطلق أتقدم بخالص امتناني لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لموافقته على منحي هذا الوسام مع مجموعة من المتبرعين”.



error: المحتوي محمي