من هِبات البحر..
النسائم الروحية
هي اللحظات التي تعيدك لأحضان البحر.. فقبل أربع وعشرين سنة..
وبعيد صلاة الظهر تماما من يوم الجمعة في الثلاثين من شهر رمضان المبارك لعام 1420هج.. وجدتني أخبّ المسير لألتقي بالبحر لقاء مشتاق بعد انقطاع ليس بالقليل،
كان الجو غائما، شديد الهواء. نزلت في كورنيش المجيدية بالقطيف. ورحت أقترب منه شيئا فشيئا، إلى أن نزلت على صخوره، ولامست رجلاي نعومة رمله،
استقبلني حال نزولي “ظرفان”
مملوءان، وهما يرتعشان من شدة تحرك الهواء.،وبرودته.
عندها أخذت أفتش في ذينك الظرفين. وإذا هما لأحد المدرسين فقد احتوى الظرفان على قوائم أسماء الطلاب…. ومكتوب عليها اسم المدرسة المتوسطة..
ومن بين تلك الأوراق تحتمي بعض القصائد،و الموضوعات العلمية، والتي ربما كلّف المعلم تلاميذه بإنجازها.
وقد استوقفتني هذه القصيدة..
للشاعر
محمد العيد الخطراوي-المدينة المنورة
مسرح القلب
مسرحُ القلب طيبةٌ.. وهواهُ
وسواها.. مفاوزٌ وطلولُ
تمرحُ العين في غلائلها الخض
رِ، ويصبو لوجهها التأويلُ
وتعيشُ الأحلامُ عبر هواها
قبساتٌ يزكو بهنّ الفلولُ
فعلى صدرها تطيبُ الأماني
وعلى زندها يلذُّ الذهولُ
وأنا في تمائم الحبّ أحيا
ما اشتفى خاطري العييُّ العليلُ
كلُّ يوم يزدادُ حبيَ فيها
وفؤادي عن حبّها لا يحولُ
كم تمنيتُ أن أكون ترابًا
في ثراها، أو صخرةً لا تزولُ
تربها، عنبرٌ، ومسكٌ فتيتٌ
ماج فيه التكبيرُ والتهليلُ
آوتِ المصطفى، وألقت إليه
بمقاليدها، فعزّ المثيلُ
ثمّ ضمته للحشا، وطوتهُ
بين أضلاعها، فنعم النزيلُ
منْ يديه استقت، فعمَّ نداها
وبأنواره استمرَّ الهطولُ
وهي ضمن قصيدة طويلة سياحة شعريةٍ ماتعة.. في ربوع طيبة.. و سبحات الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله..
ومن اللطيف في ذاكرة هذه الورقة
أنني وبعد أربع وعشرين سنة من احتفاظي بها..
للتو أتعرف أكثر على الشاعر محمد العيد.. وذلك من خلال زيارتي لنادي المدينة المنورة الأدبي. هذا العام
حيث أهدوني بعض إصدارات النادي..
فوجدت ضمن الكتب المهداة لي كتابين لهما صلة وثيقة بالشاعر
الأول:شعراء من أرض عبقر.. وهو من مؤلفات الشاعر محمد الخطراوي
وهو مجموعة تراجم محلقا تعريفية لشعراء المنطقة الغربية من المملكة
وهذه الحلقات مواد ألقاها الشاعر في إلإذاعة..
وهذا موقع موجز من مقدمة الكتاب
“أيها المستمع ن الكرام-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته-
هذه الحلقة الأولى من برنامجكم الجديد(شاعر من أرض عبقر)…
سنقدم لكم في كل حلقة شاعرا نتفيأ ظلال شعره، ونعيش في رحلة قصيرة بين محاريب وحيه، وإلهامه، نتلمس شخصيته ونستمتع بعرائس فنه…..”
الكتاب ترجم ل24شاعرا
في 316صفحة من القطع الوزيري
الكتاب الثاني:
صورة المدينة المنورة في الشعر السعودي الحديث
دراسة في شعرية المكان
ومؤلفه: سليمان السناني.. أستاذ الأدب بجامعة طيبة
وقد صدر الكتاب عام 1423هج
ومن ضمن الشعراء الذين تناوله البحث
هو الشاعر محمد العيد الخطراوي.. وقد استشهد المؤلف بنفس القصيدة التي كنت أحتفظ بها قبل 24عاما
فتداعت لي صورة القصيدة.. واستحضرت مؤلفها ما دعاني للبحث عنها لاستخراجها هنا.
والشاعر الخطراوي
من مواليد1935م.. وتوفي 2012م
يعد من أبرز الوجوه الثقافيةوالأدبية في المدينة المنورة
حيث كان..
عضوا في الكثير من المؤسسات الأدبية و التراثية.
كما أصدر عشرات المؤلفات شعرا ونثرا وتحقيقا
رحمه الله تعالى..
وشكرا للأستاذ الذي ألقى أوراقه بحرا.. لتمر عليها بعض السيارة.. تستخرج من جبها كنوزا أدبية