هناك علاقة حب بين التراث والفن بشكل عام، كما يبدو لي أنها علاقة أزلية في كل زمان ومكان، وهي علاقة عضوية وإنسانية وأرشيفية ومصدر إلهام للمبدعين في كل بلدان العالم.
في فترة من الزمن، كان الفنان مصدر تسجيل للتراث وكان مقبولًا لدى عامة الناس، أما اليوم فقد تعدى حدود النمطية والتقليدية والتسجيلية، ولعلنا نلمح إلى بعض التجارب التشكيلية المحلية والعربية والفنانين في حال بحث مستمر لتطويع التراث برؤية معاصرة، وهنا يمكننا أن نذكر على سبيل المثال الفنان محمد يوسف الذي عمل على تأصيل الموروث الشعبي فِي الفن التشكيلي برؤى معاصرة تتراوح بين المفاهيمية والنحت، وكذلك الفنان عبد القادر الريس الذي التزم باللوحة المسندية وجعل منها مساحة للبحث المستمر مزاوجًا بين الحروفية والبنائية مع ترميز اللون، أما الفنان محمد الأستاذ الذي ذهب بعيدًا عن النمطية من الاستوديو إلى البحر، حينما اهتدى إلى الدانات وجعل من البحر مختبره البحثي في الفن المعاصر، بالتأكيد جرب الكثير ليصل إلى مبتغاه، لكنه وصل إلى الجوهر المطلوب، واستخرج الدانات من باطن سواحل خورفكان حتى أصبحت أعماله الفنية عالمية لمحبيها، وكذلك الفنان عبيد سرور الذي بدأ تسجيليًا للتراث في حقبة من الزمن، لكنه اليوم أصبح واحدًا من أهم الفنانين المبدعين في توظيف التراث في أعماله الفنية، وخاصة المجموعة الفنية المشاركة في بينالي الشارقة.
أما الفنانة كريمة الشوملي التي عشقت البرقع الإماراتي وذهبت إلى المملكة المتحدة لتشارك العالم بحثها وتجاربها المتنوعة في توظيف البرقع من خلال التراث والإبداع، وقصص السيدات اللاتي تخفين قصصهن خلف البرقع، وكذلك طقوس البرقع، كل هذا صاغته الفنانة كريمة بصياغة معاصرة تتناغم مع العصر الحديث وعالمية الإبداع.