اصطحب الرّوائي وافي عبد العزيز القُديحي، جمهوره من القراء في رحلة استثنائية دمج فيها بين الواقع المعاش والخيال والأمنيات، وذلك في الجزء الأول من روايته الثالثة التي جاءت بعنوان: “سمو الأميرة”، والصادرة عن مركز الأدب العربي للنّشر والتّوزيع في 392 صفحة، ووقعها أول أمس الجمعة الموافق 11 شعبان 1444هـ، بمعرض الشرقية للكتاب.
فعل درامي
ذكر ابن مدينة القديح لـ«القطيف اليوم» أن روايته الأخيرة تأتي في 4 أجزاء؛ جاء الأول منها بعنوان: “الغرفة السّرية والسّحر الأزرق”، وفيه: “تتفاعل أحداث الرّواية، كفعل درامي له شخصياته وأشياء حوله، من خلال الدّمج بين الواقع المُعاش والخيال، الذي تتخلله الذّات من نافذة الأمنيات، وما وراء الحس يستشعره الكاتب واقعًا، وإن كان خيالًا في طبيعته الآنية، يستدعيه في لحظة ما، ويعيشه في لحظات أخرى، وقد يُرافقه سنينًا، ويتلبسه في أفكاره، ويتخذه طريق حياة”.
الحب ثيمة الحكاية
واستكمل “القُديحي” حديثه، موضحًا أنَّ الحُب هو ثيمة الحكاية التي يصحبها توليد انفعالات الفعل الدّرامي بناء على مُعطيات وحيثيات وصراعات تحتدم مع الوقت، مستطردًا: “يصطدم الحُب الذي جاء عبر الفكرة المحورية في الحدث الدّرامي ليغذي الأحداث؛ انفعالاتها، تجاذباتها، الصّراعات، الاصطدام بالمصالح، فلا يبقى الحُب إلا في داخل القلب، وهذا ما يُبصره القارئ في هذه الرّواية”.
فروق الطبقات
وأوضح “القُديحي” أن لكل مُحب بيئته المختلفة، التي يعيشها، ويُتقن طريقتها، وتربى على لغتها وثقافتها، على سبيل المثال عندما تعشق امرأة من الطبقة الكادحة بينما تنتمي أنت للطبقة الأرستقراطية، والحياة مُستقرة لا تحتاج فيها لأحد، ولكن تصبح هذه الفروق الفردية الموجودة بمثابة المصير المُحتم بعدم اللّقاء، ويجعل الحب كأن لم يكن وينتهي.
في طُفولتي
مثل أقرانه بدأ “القُديحي” في طفولته بقراءة مجلة ماجد وميكي، وكان حريصًا على اقتنائها أسبوعيًا ثم تطور الأمر سريعًا إلى المجلات العلمية والأدبية حتى وصل إلى المرحلة المُتوسطة وبدأ في كتابة القصص القصيرة، وتطورت الحالة الكتابية لتنحني في اتجاه أكثر فاعلية لم تكن تخطر بخلده، إلا أن القدر أراد لها أن تكون.
ويأخذنا إلى بداياته في عالم الكتابة، قائلًا: “كانت الخُطوات الأولى بمثابة الضّوء الذي يُنير لي الطريق، كضوء المصباح في ليلة شديدة الظلام، وفي طرفها الأيمن كان شاب يافع، يجلس ليقرأ ويُحاول الكتابة أكثر، يفرك أصابعه كلّما شعر بالتّعب والإرهاق، فمنذ طُفولتي كنت عاشقًا للكتابة ثملًا بالتّأمل، ولطالما أبحرت في الخيال الواسع، مهووسًا بالقراءة والاطلاع، كنت فُضوليًا حيال كلّ شيء”.
خيالك واسع
ومثل “الحكواتية”، كان يقص على أصدقائه ما يكتبه، وكانوا يقولون له: “خيالك واسع”، وبالفعل استغل “القُديحي” خياله لينسج قصصًا وروايات مزج فيها بين الواقع والخيال، معقبًا: “دائمًا أقوم بسرد القصص على أصدقائي، وكانوا يقولون لي: لديك “خيال واسع”، حيث تكررت تلك العبارة كثيرًا، فحرصت على تنمية هذا الخيال، ليكون واسعًا ونوعيًا، أكون من خلاله شخصياتي الأدبية”.
سمير وحنان
يسترجع “القُديحي” ذكرياته مع روايته “سمير وحنان” باكورة أعماله الرّوائية، بقوله: “استمررت في كتابة القصص القصيرة، ولكني كنت أقصها شفهيًا فقط على الأصدقاء، إلى أن تكونت لدي مجموعة من القُراء في قناة التواصل الاجتماعي “الواتساب”، ومن هنا بدأت بسرد رواية على هيئة أجزاء قصيرة، جزء قصير كلّ يوم”، مُضيفًا أنَّه ذات يوم استوقفته إحدى عضوات المجموعة، ونصحته بأن يفكر جديًا في تجميع القصة في رواية وطباعتها ونشرها، ليأخذ بنصيحتها، وينشر أولى رواياته في عام 2019 بعنوان “سمير” وأعقبها الجزء الثاني بعنوانها “حنان”.
ما بين لغتين
اللّغة ليست مُجرد كلمات فقط، لا تعدو كونها تُستخدم بين الفينة والأخرى، تُمارس في عمل يحمل صبغة تجارية، كتعليم اللّغة الإنجليزية مثلًا، بقدر كونها ثقافة، ومساحة واسعة، تفتح الآفاق ليطل الإنسان على المعرفة والفكر، واستكشاف البيئة الاجتماعية، والثقافية، والشخصيات التي لها تأثيرها النّوعي والمُلهم في الحياة، على حسب وصف “القُديحي”.
الاعتزاز بلغته الأم
ورغم إجادة “القُديحي” اللّغة الإنجليزية، إلى أن أصبح يُعلمها للآخرين في مشروعه الخاص، فإنه يعتز بلغته الأم؛ اللّغة العربية ويقدسها، ولم ينوِ كتابة روايات بلغة غيرها، معلقًا: “لقد أخذت عهدًا على نفسي ألا أنشر أيّ رواية بغير لغتي الأم، ولكن من المُمكن أن تُترجم رواياتي للّغة الإنجليزية أو لغات أخرى، لكنّي لن أكتب رواية بغير اللّغة العربية”.
من الإعراب
وأجاب “القُديحي” عن سؤال لماذا تكتب؟ مؤكدًا أنه ليس هناك متعة أكبر من خلق قصة لم يسمع بها أحد، وشخصيات لم يسمع بهم أحد نجعلهم أحياء ولهم تاريخ ولادة وحياة خاصة بهم، ليكون لنا مكانًا من الإعراب ضمن هذه الجُمل التي تحتضنها فقرات الحياة، كنص كلي إبداعي في وجوده.
يُذكر أن “القديحي”، تخرج في جامعة كامبريدج، ودرس “التّدريس الاحترافي – علم نفس الطالب والسلوك البشري”، وهو مُؤسس معهد إنجلش ونص، ومُدرس لغة إنجليزية مُحترف، كما صدر له ثلاث روايات أدبية؛ رواية “سمير”، و”حنان”، و”سمو الأميرة”.