حكاية ورقة.. 38

ثقافة الاعتذار..
قرأت عبارة جميلة تقول
“الاعتذار.. هو العطر الجميل، الذي يحول أكثر اللحظات حماقة إلى هدية ثمينة..”
ومن بين قصاصات الورق.. وجدت مقطوعة شعرية..
لشاعر رقيق جدا، كتبت في زمن الدراسة الجامعية
مابين 141‪6-1418هج
أما الشاعر فهو
الأستاذ سمير المسلم
شاعر قطيفيٌ صفواني-مواليد 197‪3م
كان زميلي في الدراسة الجامعية.. وكان أحد رواد جلستنا الأدبية في دوار الكتاب بالجامعة، ومن شعراء المهجر الجامعي.
كان يتمتع بحس مرهف.. وذوق رفيع.. ويمتاز ثقافة رائعة
بدأ الكتابة نبطيا.. ومشاركا في المناسبات الاجتماعية الدينية بصفوى.. ونضجت تجربته في المرحلة الجامعية
و أول نص مكتمل العناصر كتبه كان بعنوان
بين يديك أمل ومستقبل
ومطلعه:
قالت وقد سُقيَ الفؤاد لظاها
يا راحلا غصب العيون بكاها
وبعد تخرجه.. عانى من مشاكل صحية في عينيه ما أفقده البصر.. ورغم ذلك واصل طموحه بكل عزم وإيمان منقطع النظير..
يمتاز بقوة حافظة.. وبراعة إلقاء تأخذ بمجامع القلوب..
رغم أنه مقل في الكتابة.. لكنه حافظ وما يزال ينتقي الأجمل من الكتابة
وهذه حكاية ورقته التي وجدتها بين إضمامة الورق الجامعي

استغفار..
أنا بالصبابةُ متعبٌ متحيّرُ
أشتدُّ شوقا بالحنين وأعصرُ

وأكابدُ الظمأ العنيد بكأسها
لله كأس ماؤها.. يتحجّرُ

أزداد وجدا بالحبيب وتزدهي
تلك الصبابةُ أنها لا تقهرُ

أنا الصبابةُ وسط صدرٍ مائجٍ
نتعارك الأيام من ذا يظفرُ

نازلتها وجدتها في عزّةٍ
بالمكرمات وبالأكارم تنصرُ

وتعزّزت بالروح من روح الحبي
ب كأنها.. مما جرى تتضجّرُ

وتقول يا روح الحبيب ألا احكمي
هذا الذبوب.. فإنه لا يعذرُ!!

فعذرتها وذكرت ذنبي تائبًا
أ”عليُّ” إني تائبٌ مستغفرُ

ولَكم أخرِّقُ منطقي بمقالتي
والصبرُ منك بمنزلٍ لا يكفرُ

ولقد عشقتك إذ عشقتك زاكيًا
وعلى زكائك في بقائك أحذرُ

حذرا أشدُّ عليك فيه مقالتي
وعلمتُ أن شديدها لا يزجرُ

لكنها زلل ولا قتْ مهجةً
خضراء تثمر بالوداد وتزهرُ

وتديرُ كأس الماء منك كرامةً
فيعودُ كأسُ صبابتي يتقطّرُ.
سمير المسلم-صفوى

هذا الاعتذار الذي يوجهه الشاعر لصديقه “علي” يذكرني باعتذار شعري مماثل قرأته في ترجمة الشيخ فرج العمران للسيد محفوظ العوامي التوبي
يقول الشيخ فرج في المجلد الثاني من أزهاره:
“وجرى بيني وبينه بحث في مسألة ميراثية، فكان له الحق. فكتبت إليه كتابًا أعتذر فيه إليه ضمنته قصيدة عذرية.. وقد ذكرتها في ديواني “الروض الأنيق”
أذكر هنا بعض أبياتها
نسيم الصبا خذ لي رسالةخاطئٍ
إلى أهل ودي كلُّ ألفاظها عذرُ

إذا ما وصلت الربع ربع أحبتي
ترجّل وسلم لي عليهم لك الأجرُ

وقل إنّ ذاك المذنب الجان لم يزل
على ذنبه يبكي وأدمعه حمرُ

أساء وأخطا بل عليكم قد اجترى
وخطّأكم يا أيها العالمُ الحبرُ

وإني أنيب الآن أرجوكم له
مسامحة إذ منه قد عُرف العذرُ




error: المحتوي محمي