اتفقت كلمة المسلمين على عظم ليلة الخامس عشر من شهر شعبان إلا من شذ منهم، وأنها من الليالي العظيمة التي فيها نتوجه إلى الله تعالى، وما أحوجنا -في هذا الزمن المتقلب بالصعاب والبلاءات واشتدادها؛ كفقد الشباب بكثرة، والزلازل والانحرافات السلوكية والعقائدية- إلى أن نصيرها ليلة عبادة.
فالروايات المستفيضة التي حثت على العبادة في هذه الليلة، تجعل للمؤمنين فرصة الاستفادة من هذه المحطة والعودة لله، وخصوصًا أننا مقبلون على شهر الله المعظم رمضان المبارك، وها نحن نرفل في ضيافة شهر رسول الله -صلى الله عليه وآله- والذي نسأل الله تعالى أن نستن بسنته فيه وننال الشفاعة لديه.
وبما أن للشهر الكريم ضيافة خاصة كما ورد في الأحاديث، فأين أنتم من صيام شهر شعبان؟ لذا نجد هذه الظاهرة الجميلة مشاعة بين المؤمنين أسوة واستنانًا بسنن رسول الله -صلى الله عليه وآله-.
هذه الليلة التي تأتي رتبة بعد ليالي القدر في الفضل كما في الرواية عن باقر أهل البيت -عليهم السلام- “هذه الليلة أفضل الليالي بعد ليلة القدر، فيها يمنح العباد فضله، ويغفر لهم بمنه، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها، فإنها ليلة آلى الله -عزوجل- على نفسه ألا يرد سائلًا فيها ما سأل، ما لم يسأل الله المعصية”.
لذا على المؤمنين أن يراعوا حق هذه الليلة والظهور بما يتناسب مع قداستها ومكانتها والالتفات لذيل الرواية الواردة عن الإمام الباقر -عليه السلام- “ما لم يسأل الله المعصية”؛ فبعض المظاهر التي يظهرها بعض أفراد المجتمع من تجاوزات ومخالفات شرعية من قبل الشباب والشابات وهم يحيون فرحة هذه الليلة أو من خلال رفع أصوات الغناء في حال المسير بالسيارات، وهي بعض المعاصي التي يرتكبها بعض المؤمنين -هدانا الله وإياهم- وهو خلاف غرض هذه الليلة وأمر غير محمود.
وهنا تكمن أهمية توجيهات الأبناء والبنات والأصدقاء، إضافة للكلمات الأبوية التي تصدر من أهل العلم والوجهاء، والتي لها الأثر البارز في إظهار المناسبة بما تستحق من تعظيم وتقدير بعيدًا عن مخالفة النظام وقواعد الذوق العام.
ومن تلك المظاهر التي يجب على المؤمنين مراعاتها خلال التوزيع -وهي عادة جميلة يجب أن نحافظ عليها بألا تدرس وتمحى- وذلك باختيار الأطعمة ذات الفوائد الصحية والابتعاد عن الأطعمة التي لا تجلب إلا الأضرار والمخالفات الشرعية، وبذلك يجب التركيز على أنواع التوزيعات الإيجابية والابتعاد عن أمثال البطاطس “الشبس” والحلويات المجهولة وغير المعروفة المصدر؛ كالتي تحتوي على بعض أنواع الجيلاتين الحيواني.
أطفالنا أمانة في أعناقنا وهي مسؤولية عظمى فلنختر لهم ما يدخل السرور على صاحب هذه الليلة، والتأكيد كذلك على اختيار بعض الأصناف المفيدة من أمثال:
توزيع النقود أو الفواكه الموسمية كالنبق “الكنار” والمكسرات أو الحلويات المصنعة في المنازل، أو الأقلام ودفاتر التلوين الهادفة والألعاب المفيدة والعصائر الطبيعية وغيرها من الأفكار الإيجابية.
ولا ننسى أن نذكر أنفسنا بأن هذه الليلة ويومها لهما أعمال خاصة منها: إحياء الليلة بالعبادة والصلاة المستحبة الواردة فيها.