الكاتب وغربة اليراع

همسة : الكتابة نبضات ، تحلق في سماء الكلم ، لتعانق قطرات المطر .

في النقد ، ينبغي أن يبتعد الكاتب عن الشخصنة ، بكونه يتناول مادة ، يضعها تحت مجهر النقد ، ليدرسها ، يغربلها تحليلاً ، بدلاً من إصدار الأحكام النقدية على الآخرين أو أطروحاتهم . إن الحجة والبرهان ، نتاج الحالة العقلية والغربلة . لقد أصبحنا حقيقة ، خصوصًا بتواجد الفضاء الواسع ، تكنولوجيًا في لغة التواصل – السوشل ميديا – ، ليكون الكل ، ينغمس في التخصصية ، ليقارع أهل التخصص بلا بوصلة . إن الأفكار ، تأخذ بالاستدلال ، عبر دراسة النتائج ، المنطقة أو الغير منطقية على حد سواء . إن الكاتب لا يعبر عن انفعالاته من خلال التعبير النقدي ، الذي منطقيًا ، لا بد له أن يأتي مجردًا من العاطفية . ينقل عن الإمام علي ” ع ” : خذ الآراء واضرب بعضها ببعض ، يتبين لك الصواب من الخطأ .

إن تلازمية فهم المصطلح ، تمثل ضرورة ملحة في عالم الكتابة بألوانها المختلفة ، ثمة معاناة نعيشها حقيقة لا مجازًا ، المتمثلة في امتلاك الأدوات ، لتمارس الكتابة – كتابة المقال أو القصة أو الرواية إلى العمل الصحافي ، كأننا امتلكنا كل المعرفة – لربما – ، يغلب علينا عدم معرفة المفارقة ما بين المصطلح والمعنى ونوعية المفردة .

ذات لحظة من لقاء – دردشة – في الهاتف النقال مع أحد الإعلاميين ، الذين لديهم سنوات في المجال الإعلامي ، حيث كان معه نقاشًا مع إعلامي آخر عن الفرق ما بين الخبر الصحفي والتقرير والتحقيق الصحفي ، صمت الآخر . وعليه فإنه بالنتيجة لا يكفي امتلاك الكاتب أو الصحافي ، الأدوات الأساسية في الكتابة ، ولكن ينبغي عليه السعي الحثيث إلى الاستفادة ، من خلال القراءة والاطلاع ، الورقي أو الإلكتروني ، سعيًا في تطوير أدواته ، كذلك ليمزجها بثقافة التخصص ، ككاتب أو صحافي أو قاص إلى آخر القائمة . بهذا يضمن المتتبع ، لمنجز هكذا يراع نوعيته وجودته ، أكان كاتبًا أم صحافيًا أم موهوبًا في أي لون من ألوان الكتابة . إن الحرص في أن تكون المادة المقدمة للمتلقي ، تستحق أن يمضي – الآخر القارئ – الدقائق في قراءتها ، نتيجة كل العوامل ، التي تجعل منها مادة ، تستحث أن تقرأ ، تستوعب بإيجابية ، ليستفاد منها .

إن البعض ، لا يهتم كثيرًا بما يكتبه ، لتجد الكثير من الأمراض ، في نصه أو مقاله أو في مادته الإعلامية ، نتيجة الإهمال من جهة ، كذلك الاستئناس بالمدح والإطراء ، ليظن ذاته ويراعه ، قد استحوظ على عشق المتلقي والعصافير ، كذلك الغدة الدرقية ، وحبوب ” البندول ” . إن الغرور آفة الإبداع ، فإن جاءت ، تجدها تنهش جسد اليراع ، لتدخله في العتمة . وعليه كلما كان الإنسان متواضعًا ، شفافًا في تعامله مع الآخرين ، إضافة إلى الاهتمام بما لديه من موهبة ، يصقلها ، ستجده حتمًا ، يراعًا ، يستحق المتابعة ، لتعانقه العقول والقلوب .


error: المحتوي محمي