وجوه في «ديرتي جميلة» بالملاحة.. من عنك.. زينب المشهد بدأت السفّ في الثامنة وواكبت تحضر الزمن بخوصيات حديثة

بيدين عاملتين تتعانق أصابعها يمنة ويسرة وأخواص ملونة لا يتيه عنهما محبو التراث، ومن تستقطبهم الحرفيات والأعمال اليدوية المبهرة، تجلس الحرفية والخواصة زينب علي محمد المشهد المكناة بأم إسماعيل آل مشهد، والمنحدرة من مدينة عنك بالقطيف في بسطتها التراثية مع بناتها الحقيقيات اللواتي تشبعن منها المهنة، وبناتها الأخريات المدللات بيديها وعلى جدار بسطتها من الخوصيات المختلفة الملونة والجميلة والآسرة للعين والمصنوعة من سعف النخيل؛ من “سفرة وزبيل وحصير ومهفة وقفّة” والعديد من الأشغال الخوصية التي يتخذها البعض زينة لمجالسهم ذات الطابع الشعبي، أو تقتنيها النساء ليدللن عوائلهن بين حين وآخر بموائدهن الشعبية وبأكلات قديمة يسكبنها أو يضعنها في أوانٍ مصنوعة من خوص أم إسماعيل أو على حصيرٍ مزين من يديها الفنانة في العمل اليدوي.

وصف
وليس أدلّ على الإنسان من نفسه، وعن سؤال «القطيف اليوم» للحرفية أم إسماعيل عن ذاتها وحرفتها أجابت: “منذ أن كان عمري 8 سنوات، وأنا أساعد جدتي في عمل الخوص، ومن ثم والدتي، فقد تشربت هذه المهنة منذ سنين طفولتي الأولى، وكنت أصنع الخوصيات المختلفة وأذهب بها إلى سوق الخميس الشعبي في القطيف لبيعها، وبقيت مهنتي معي إلى هذه اللحظة، فلا زلت أمارس حرفتي في عمل الخوصيات وخبز التاوه”.

وتضيف: “لقد كنت أول صانعة لخبز التاوه، وأول من بدأ مشروع صناعة خبز التاوه في المهرجان وعرض الخوصيات، فقد كنت أخرج لمهرجانات القطيف والدمام والخبر والجنادرية في الرياض والجبيل لعرض منتجاتنا وبيعها، وأصبحت أعطي دورات في صناعة الخوصيات في جمعيات المنطقة كافة”.

سفرة وزبيل
ترى “المشهد” أنّ صناعة الخوصيات لا تزال تجد إقبالًا كبيرًا من الناس على حسب استخدامهم لها، فالخوصيات تتميز بطابعها الخاص والحب الملموس لمن يصنعها ومن يقتنيها أيضًا، فالناس يستخدمونها في العديد من احتياجاتهم اليومية وإن لم تكن أساسية، ولذلك فقد ابتكرت “المشهد” الكثير من الأعمال الخوصية التي تواكب العصر وتتماشى مع متطلباتها كزينة أثرية جميلة، مع المحافظة على المنتجات القديمة الأصيلة كالسفرة التي كانت تستخدم لتناول الطعام، والحصير الذي كانوا يجلسون عليه قديمًا، والزنابيل، والقفة التي تحفظ فيها الأشياء، والمهفة التي كانت عبارة عن مروحة يدوية تُستخدم للتهوية وقت القيظ.

البنات كأمهن
فكرت “المشهد” مع بناتها اللواتي أصبحن مثلها في البراعة في الأعمال الخوصية وعمل التاوة، في افتتاح محل خاص لبيع منتجاتهن الخوصية اليدوية، لكن الظروف لم تسعفهن بسبب قلة الدخل، فأصبح اعتمادهن على التجارة الإليكترونية، وعلى المشاركة في المهرجانات المختلفة.

وللخوصيات مواسمها
مع اقتراب النصف من شعبان وقرب حلول شهر الصوم والغفران واقتراب الأعياد يحين موسم الخوصيات، فمنطقة القطيف من المناطق التي تهتم بتراثها وإرثها القديم، ولذلك يزداد الطلب على “المشهد” في موسم القرقيعان ورمضان والأعياد، ما بين السفر الملونة ومنسف المكسرات وشنط الشاي والقهوة، ومسكات العرائس حيث تكثر الزيجات في هذه الآونة.

الحركة بركة
واختتمت “المشهد” حديثها بدعوة بنات اليوم إلى مزاولة العمل والتعرف على الحرف اليدوية المختلفة، وامتهانها ولو خارج أعمالهن متوكلات على الله، ففي الحركة بركة كما تقول.




error: المحتوي محمي