من وجوه «ديرتي جميلة» بالملاحة.. أحمد البحراني .. غادر الربيعية لـ أبها للدراسة.. وحلم الهندسة اصطدم بالمحاسبة.. وتوقف بين خلايا النحل

رحلة لم تكن في الحسبان، فرضها الواقع، سافر فيها الطالب الجامعي أحمد بن عبد الله بن محمد البحراني، من بلدته الربيعية في محافظة القطيف، إلى جامعة الملك خالد في جنوب المملكة بأبها، لإكمال دراستة الجامعية، وبدأت معها قصة ذلك الشاب الطموح، مع عالم النحل والعسل. حدث ذلك عام 1430هـ، وذلك عندما توجه لدراسة الهندسة الكيميائية، وتركها لظروف قاهرة ليكمل بعدها دراسة تخصص المحاسبة، في اتجاهات ومسارات متباينة.

يقول “البحراني”: إن الصدفة لعبت دورًا مهمًا في دخوله إلى معترك هذه المهنة، فحينما كان يدرس مجالًا بعيدًا تمامًا عن مهنته الحالية في الجامعة، اكتشف، أن كثيرًا من العسل الموجود في الأسواق ليس بعسل طبيعي 100% ومن هنا بدأت رحلة البحث والدراسة التي أخذ على عاتقه فيها قرارًا بأن يكون من منتجي العسل.

ويحكي لـ«القطيف اليوم» عن بداياته، قائلًا: “شغفت بدراسة علوم النحل، وتقدمت لدراستها من خلال برنامج تدريبي مكثف مقدم من وزارة البيئة والزراعة بالتعاون مع جمعية نحال من خلال مركز أبحاث النحل بجامعة الملك خالد”، موضحًا أن البرنامج ينقسم إلى جزأين: الأول نظري درس فيه أساسيات علوم النحل، والثاني تخصصي في إنتاج الطرود، وتربية الملكات.

وتضمن البرنامج التدريبي الذي التحق به “البحراني”، على مدار 300 ساعة تدريبية خلال أربعة أشهر، عددًا من الكورسات بدأت بمعرفة تاريخ النحل وفصائله وسلالاته وحتى التشريح المجهري للنحل ودراسة أعضائه ووظائفها، وعمل الاختبارات الفيزيائية والكيميائية على منتجاته المختلفة، ودراسات أخرى متعلقة بقدرتها العلاجية، وطرق استخلاصها بداية من عسل النحل وانتهاءً بلسعتها.

طموح لم يتوقف
لم يتوقف طموح “البحراني” عند هذا الحد، ولكنه عمد إلى تطوير حصيلته العلمية بدورات خاصة في مهارات تخصصية أعمق كأساسيات علوم النحل، وحصل على شهادة في تربية الملكات وإنتاج الطرود، بالإضافة الى شهادة معتمدة في تربية ملكات النحل من معهد جمعية النحالين التعاونية بالأردن.

“عسل ستور”
بدأ “البحراني” العمل على أرض الواقع وكان عام 2018 بداية انطلاقته بالتسجيل في منصة العمل الحر بمسمى “منتج عسل ومشتقاته”، بعدها في العام الذي يليه 2019 سجل في منصة معروف باسم متجره “عسل ستور” ثم بعدها تقدم لمهنة نحال مُتنقل في وزارة البيئة والمياه والزراعة، وبدأ فعليًا في تقديم العسل للمستهلكين.

أول زبائنه
كان والدا “البحراني” أول داعميه وكذلك الأهل والأصدقاء الذين أعجبتهم منتجاته وكانوا أول زبائنه، حيث بدأ بمنحل متواضع وبإنتاج محدود وتطور المنحل مع دراسته في مجال النحل، معقبًا: “الآن وسعت دائرة عملي وأعمل على مناحل متنقلة حيث يتركز إنتاجنا فيها على العسل البري الجبلي في المنطقة الجنوبية من المملكة وبحكم تواجدي في المنطقة الجنوبية أدير وأشرف على المنحل بنفسي وكذلك يعمل معي نحال متخصص يتواجد مع المناحل بشكل مستمر”.

التربية في الجبال
ذكر “البحراني” أن المنطقة الجنوبية تتميز باختلاف تضاريسها ما ينعكس على تنوع الغطاء النباتي واختلاف درجة الحرارة في مناطقها، حيث ننتقل مع النحل للبحث عن الأزهار من أعالي الجبال في مدينة أبها إلى الوديان والسهول في منطقة تهامة المشهورة بتواجد الأزهار على مدار العام وتوفر الرحيق وحبوب اللقاح الذي يشكل العنصر الأساسي لحياة الملكة والنحل.

منتجات وأسرار
ينتج النحل عدة منتجات أخرى بخلاف عسل النحل، منها حبوب اللقاح وخبز النحل وصمغ النحل وشمع النحل وغذاء الملكات وأخيرًا سم النحل لكل نوع من هذه المنتجات قدرات علاجية مختلفة، لذا يرى “البحراني” أن إنتاجه من العسل متنوع طبقًا للتنوع الذي يحظى به في المناطق المتواجد فيها، وأهمها عسل االسدر، وعسل الطلح، وعسل السمر وغيرها من الأعسال التي يصل عددها إلى قرابة 12 نوعًا.

ما يُميزه
وعما يُميزه يقول البحراني: “تتميز بعسل غذاء الملكات حيث إن هذا العسل يحتوي على أغلب منتجات النحل.. وكذلك أيضًا خلطات خاصة بنا كعسل الطاقة والعسل بالقرفة وغيرها، وغذاء الملكات ميزته أنه يتكون من غذاء الملكات، وخبز النحل، وصمغ النحل، وحبوب اللقاح، ويكمن سر ندرته وغلاء سعره في أن مكوناته تصفى مع بعضها بعضًا وتتوفر بكميات قليلة جدًا. أضف إلى ذلك احتياجها إلى مجهود كبير”.

منتجات أخرى
وأشار إلى إحدى منتجاته الأخرى من العسل الأبيض الذي يمتاز بطعم يشبه الورد، ويكون على شكل ثقيل ومتبلور حيث إن العسل الطبيعي قابل للتبلور عكس ما يشاع بأن العسل المتبلور عسل مغشوش، ويختلف نوع التبلور بحسب نوع العسل ونضجه في داخل الخلايا وكمية حبوب اللقاح التي يحتويها وفقًا للبلورات في أنواع العسل فبعضها يكون متجانسًا والآخر يتبلور جزئيًا. وذلك بخلاف منتج العسل بالقرفة حيث تتميز هذه الخلطة بأنها تساعد على تخفيف من حدة الكحة وتعالج مشكلات الحبال الصوتية.

أنواع عديدة من الطرود
ويحرص “البحراني” في إنتاج العسل على استخدام أنواع عديدة من الطرود (بيوت النحل)، معلقًا: “أكثر الطرود التي تساعدنا في إنتاج شمع طبيعي هي الطرود المحلية التي تشابه جذوع الأشجار شكليًا وهو النوع الصالح للأكل بخلاف الطرود الحديثة مستطيلة الشكل؛ إذ إن الشمع الذي تحتويه يعتمد على أساس شمعي صناعي فيعد الشمع حينها غير مخصص للأكل، ولكن له عدة استخدامات علاجية مثل علاج مشكلات الجيوب الأنفية ومشكلات الجهاز الهضمي، واستخدامات تجميلية حيث يدخل في العديد من الكريمات المرطبة”.

استعمالات طبية
ونصح “البحراني” من يطلب المشورة لحالات معينة باستعمالات طبية موثقة مبنية على البراهين والدراسات العلمية في استخدام العسل أو صمغ النحل أو لسع النحل في علاج العديد من الأمراض المناعية، حيث يستخدم سم النحل في علاج الروماتيزم وهو ما يعادل 100 جرعة من الكورتيزون تقريبًا، وأثبتت الدراسات نجاحه في علاج التهاب الكبد الفيروسي ولكن يتم استخدامه تحت إشراف مختصين. كما يستخدم صمغ النحل مع العسل كمضاد حيوي طبيعي، يعزز صحة الجهاز المناعي.

ولفت إلى استخدام عسل القرفة في التخفيف من حدة الكحة وهو مجرب على حد قوله، مشيرًا إلى أن العسل الطبيعي هو أفضل مرمم للجلد حيث له طرق استخدام طبية خاصة لإصابات الحروق، كما أن شمع النحل له فعالية في ترطيب الجلد، ويستخدم في تركيبة بعض مواد التجميل، مضيفًا: “طبيًا يفضل استخدام العسل مع الماء أو بعد تناول الطعام خلاف ما يشاع بأخذه على الريق وذلك بسبب تركيبة العسل المائلة للحمضية”.

هدف مشروعه
ويهدف “البحراني” في مشروعه “عسل ستور” إلى إنتاج أنواع جديدة من العسل الطبيعي، منوهًا بأنه في كل عام يكون لديه منتج جديد من العسل ومختلف، بالإضافة إلى إنتاج منتجات أخرى باستخدام العسل.

طموح
وفي ختام حديثه، يطمح “البحراني” إلى إنتاج منتجات النحل المختلفة وإنتاج منتجات فرعية باستخدام عسل النحل، كما يسعى لتسجيل منتجاته في برنامج التحول العضوي.


جانب من مشاركة البحراني في فعاليات «ديرتي جميلة» بالملاحة



صور من المهرجان




error: المحتوي محمي